تشهد شركة مفكو حلوان للأثاث واحدة من أبرز أزمات بيئة العمل في القطاع الخاص خلال العام الجاري، بعدما تكشّف تصعيد جديد وصفته جهات حقوقية بـ«الخطير والممنهج»، يتمثل في إصدار إنذارات فصل جديدة لستة من العمال، ومنع آخرين من دخول مقر الشركة، في خطوة اعتبرتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات امتدادًا لسياسات تضييق مستمرة تهدف للتخلص من العمال المطالبين بحقوقهم.
تصعيد جديد يعمّق الأزمة
وفقًا لمعلومات مؤكدة حصلت عليها المفوضية المصرية للحقوق والحريات، فقد أرسلت الإدارة في الأيام الماضية إنذارات فصل لعدد من العمال، بالتزامن مع منع آخرين من دخول بوابات الشركة دون مبرر قانوني. ويشدد العمال على أن هذه الخطوات ليست وليدة اللحظة، بل تأتي ضمن نهج تصاعدي بدأ قبل شهور، يعتمد على دفع العمال تدريجيًا نحو الاستقالة لتجنب دفع مستحقاتهم.
نمط ممنهج للتخلص من العمال
تشير شهادات موثقة إلى اتباع الإدارة آلية ضغط متدرجة تبدأ بالمنع من الدخول، مرورًا بالاستدعاء للتحقيق، ثم إصدار إنذارات بالفصل بعد خمسة أيام من الغياب الإجباري المفروض على العمال. ويعتبر العمال أن هذه السياسة تشكّل «إجبارًا مقنّعًا على الاستقالة» بهدف التهرب من التعويضات القانونية وحقوق سنوات العمل.
أجور متدنية رغم إلزام القرار الحكومي
ورغم أن قرار الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص ملزم لجميع المنشآت دون استثناء، تشير المتابعة الحقوقية إلى أن الشركة لا تزال تدفع أجورًا تتراوح بين 3300 و4000 جنيه لأكثر من 750 عاملًا، في ظل موجات غلاء غير مسبوقة.
كما تمتنع الإدارة عن صرف:
- العلاوات السنوية
- الإجازات المرضية
- تعويضات إصابات العمل
- مستحقات اتفاقية مايو 2011 الخاصة ببدل المخاطر والوجبة والفروق المالية
ورغم توثيق الاتفاقية بوزارة العمل، لم تُنفّذ بنودها حتى الآن.
عام من الانتهاكات المتصاعدة
وخلال العام الجاري، رصدت المفوضية سلسلة من الإجراءات التعسفية شملت وقف عدد من العمال عن العمل وتحويلهم للتحقيق، وصولًا إلى فصل عاملين تنظر المحكمة قضيتهما. وشدد العمال على أن الشركة تواصل الإنتاج بشكل طبيعي، دون الالتزام بمعايير السلامة المهنية أو الحقوق المالية الأساسية.
غياب رقابة وزارة العمل
تثير هذه الممارسات تساؤلات واسعة حول دور وزارة العمل، خاصة مع استمرار الانتهاكات رغم الشكاوى المتكررة. ويعتبر حقوقيون أن صمت الوزارة «يشجع» على تكرار هذه السياسات داخل منشآت أخرى في القطاع الخاص.
مطالبات حقوقية عاجلة
وجددت المفوضية دعوتها لوزارة العمل لاتخاذ إجراءات فورية تشمل:
- وقف جميع إنذارات وإجراءات الفصل التعسفي.
- السماح بدخول كل العمال إلى مقر عملهم دون اشتراطات أو تهديدات.
- إلزام الشركة بتطبيق الحد الأدنى للأجور وصرف الفروق المتأخرة.
- التحقيق في انتهاكات السلامة المهنية وتعويض إصابات العمل.
- تفعيل القضاء العمالي المستعجل لمنع المماطلة والإضرار بالعمال.
بيئة عمل تتدهور
وترى المفوضية أن ما يحدث داخل الشركة «يمثل مؤشرًا خطيرًا على تراجع حماية الحقوق العمالية في مصر»، ويعكس ضعف الرقابة الرسمية على التزام الشركات بقوانين العمل، ما يهدد الحق في العمل اللائق والتنظيم والمساواة، ويدفع مئات الأسر إلى مزيد من الضغوط المعيشية.
وتختتم المفوضية بيانها بالتأكيد على ضرورة تدخل الدولة لحماية حقوق العمال، ووقف أي ممارسات تهدد الأمن الوظيفي داخل منشآت القطاع الخاص، باعتبار ذلك مسؤولية أصيلة لضمان العدالة الاجتماعية وصون كرامة العامل المصري.

