حصلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان على روايات مباشرة من أسر محتجزين داخل سجن المنيا شديد الحراسة، تكشف عن مشاهد صادمة تتعلق بانتشار المخدرات داخل السجن، وممارسات تفتيش مهينة تتعرض لها النساء والأطفال أثناء الزيارات.
هذه الإفادات المتطابقة أثارت مجدداً تساؤلات واسعة حول غياب الرقابة، واحتمالات التورط الداخلي، والدور الغائب للجهات المختصة في حماية المحتجزين وذويهم.
انتشار غير مسبوق للمخدرات داخل العنابر
وفق الشهادات التي وثّقتها الشبكة، فإن المخدرات أصبحت «منتشرة بكل أنواعها»، ليس بشكل فردي أو عرضي، بل بصورة ممنهجة داخل جميع العنابر، مع توفرها بسهولة تفوق ما يحدث خارج السجون.
وتشير الشهادات إلى أن عملية إدخال وتداول المواد المخدرة تتم بعلم بعض القائمين على إدارة العنابر، وتحت نظر أفراد من الأمن، مقابل مكاسب مالية ضخمة. أحد الأهالي قال: «المخدرات دي من إدارة السجن… بيدوها للمساجين يبعوها… بجد حرام ولدنا بتضيع جوه».
وفي شهادة أخرى: «المخدرات جوه أكتر من الشارع… اللى عاوز حاجة بيجيبها بسهولة جدًا… ده مش سجن».
هذا التوصيف يضع علامات استفهام خطيرة حول الدور المفترض للجهات الأمنية في حماية المحتجزين، وكيف تحولت بعض الأجنحة إلى بيئة خصبة لتجارة محرّمة تهدد حياة النزلاء.
تفتيش مُهين للنساء… واعتداء على خصوصية الأطفال
الانتهاكات لم تتوقف عند حدود العنابر؛ إذ وثّقت الشبكة المصرية شكاوى كثيرة من عائلات المحتجزين حول أساليب تفتيش قاسية ومهينة يتعرض لها الأهالي أثناء الزيارات، وخاصة النساء.
رغم مرورهن عبر الأجهزة الإلكترونية، تخضع الزائرات أيضاً لتفتيش يدوي «بشكل بشع» على حد وصفهن، مع استخدام ألفاظ غير لائقة وتعامل قاسٍ يصل في بعض الحالات إلى إجبار الأطفال على خلع ملابسهم.
إحدى الشهادات تقول: «واحنا داخلين التفتيش بيبهدلونا… جهاز وذاتى كمان بإيديهم وبطريقة بشعة… حتى الأطفال بيقلعوهم هدومهم».
ورغم تقديم الأهالي شكاوى متكررة، لم تتلقَ العائلات أي استجابة: «ومهما نعمل بلاغات مافيش فايدة… بقانا سنين على الوضع ده».
الأهالي أكّدوا أن هذه الانتهاكات تُمارس باعتبارهم طرفاً مسؤولاً عن تهريب المخدرات، بينما يشيرون إلى أن المشكلة الحقيقية—وفقاً لشهاداتهم—تكمن داخل السجن نفسه.
دعوات عاجلة لتدخل رسمي وفتح تحقيق شامل
الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وبعد تلقيها هذا العدد الكبير من الشهادات المتطابقة، أكدت أن استمرار هذه الوقائع يشير إلى وجود منظومة انحراف داخل السجن، لا مجرد تجاوزات فردية.
وطالبت الشبكة الجهات الرسمية بالتحرك الفوري لمنع تفاقم الأوضاع، وأعلنت تقدمها ببلاغ رسمي إلى كل من: مصلحة السجون، ونيابة المنيا
وطالبت بإجراءات عاجلة تشمل: تفتيش مفاجئ وشامل لمرافق السجن ،ووقف تداول وبيع المواد المخدرة داخل العنابر، وإنهاء ممارسات التفتيش المهين بحق النساء والأطفال، وفتح خطوط تواصل مع الأهالي والاستماع لشكاواهم بجدية.
كما دعت الشبكة وزارة الداخلية إلى التحقق الفعلي من الوقائع عبر الاستماع للأهالي مباشرة قبل إصدار أي بيانات نفي، مؤكدة أن حماية المحتجزين وأسرهم مسؤولية قانونية وأخلاقية لا يمكن التخلّي عنها.

