قالت داليا زيادة، الباحثة في معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية، إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيف جماعة "الإخوان المسلمين" على أنها "منظمة إرهابية أجنبية" قد يشل الشبكات الإسلامية العالمية.

 

وأضافت في مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست": "إذا حظرنا جماعة الإخوان المسلمين، فإن كل فروعها في نهاية المطاف، سواء كانت أفراداً أو جماعات، سوف تفقد أكسجينها وتتوقف عن العمل". 

 

ووقّع ترامب أمرًا تنفيذيًا يوجّه المسؤولين للنظر في إمكانية تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات "إرهابية أجنبية". وتقول الإدارة الأمريكية، إن هذه الخطوة تأتي في إطار جهودها لمكافحة "الشبكات المتطرفة" في الشرق الأوسط. 


وقوبل إعلان ترامب بإشادة كبيرة، ولا سيما من جانب معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية (ISGAP)، لكون "التهديد الذي تشكله أيديولوجية الإخوان المسلمين يؤخذ الآن على محمل الجد".

 

وفي الأسبوع الماضي، أصدرت زيادة وزميلها، حرس رفيق، تقريرًا يتألف من 300 صفحة حول حظر "الإخوان". وتابعت: "كان الأمر مفاجئًا بعض الشيء. منظمة ISGAP لم تتوقع ذلك رغم سعيها طويلًا لحظر جماعة الإخوان المسلمين". 

 

إعلان "الإخوان" منظمة "إرهابية"


وفسرت تأخر الإعلان عن تصنيف "الإخوان" منظمة "إرهابية" بأنه يعود إلى استخدام الجماعة لـ"الجهاد الحضاري" في الغرب، وهي استراتيجية تزعم أنها طُوّرت قبل أكثر من 40 عامًا، وتتضمن تخريب الحضارة الغربية من الداخل، "بإحداث نوع من الانقلاب الناعم على جميع القيم الليبرالية التي تمثلها الولايات المتحدة والعالم الغربي".


وأوضحت زيادة أن ما سمتها بـ "حملات القوة الناعمة تسمح لجماعة الإخوان المسلمين بالتلاعب بالنظام لصالحها دون أن يتم كشفها أو تحديدها. لقد تعلموا كيفية التلاعب بالنظام القانوني والنظام الأكاديمي وحتى النظام الحكومي وتقديم أنفسهم كأصوات حقيقية نيابة عن جميع المسلمين لصناع القرار، والأهم من ذلك، التلاعب بالسردية الإعلامية"، وفق زعمها.

 

واستدركت: "ونتيجة لذلك، انتهى بنا الأمر إلى أن نمتلك شبكة ضخمة من الإخوان المسلمين في الدول الغربية تعمل على عدة مستويات- المجتمع المدني، والسياسة، والحكومة، والمستوى الأكاديمي، وما إلى ذلك- دون أن نتمكن نحن الجمهور من تحديد الروابط فيما بينهم".

 

هجمات 7 أكتوبر


واعتبرت زيادة أن الصعوبة في مواجهة جماعة الإخوان تكمن في ربط النقاط والربط بين أشكالها المختلفة، وقد أصبح هذا الأمر أكثر سلاسة إلى حد ما بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023 ، والتي تصفها زيادة بأنها "أحدثت تغييرًا في قواعد اللعبة".

 

وعزت ذلك "لأنها كشفت لنا لأول مرة الوجه القبيح لجماعة الإخوان المسلمين، وجه لم يتردد في ممارسة معاداة السامية والعنف والكراهية تجاه أمريكا. رأينا حرق العلم الأمريكي وهتاف المتظاهرين بـ "الموت لأمريكا"، على حد تعبيرها.

 

وأردفت: "لقد أظهروا لنا الوجه الحقيقي لأول مرة، معتقدين أن ذلك مقبول طالما أنه يُقدم كرد فعل على الوضع الإنساني في غزة".

 

وتحدث الباحثون في معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية (ISGAP) لأول مرة عن وجود صلة بين أنشطة "حماس" وأنشطة شبكات أخرى تابعة للإخوان المسلمين في أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. 

 

وهو ما رأت زيادة أنه "شكّل أداةً للإدارة الأمريكية لتحديد هوية الإخوان المسلمين. إن جماعة الإخوان المسلمين ليست كياناً متجانسًا، بل إنها تعمل في أنظمة سرية ضمن نظام بيئي أكبر.

 

وأوضحت زيادة أن الجماعة تفعل ذلك عمدًا حتى لا تتحمل المسؤولية كمجموعة عن أفعالها ــ "وهي آلية للبقاء". 

 

لكن، نظرًا لوضعها المتقلب الذي شبهته بـ "الحرباء"، تساءلت: ما الذي يمنع جماعة الإخوان المسلمين من تغيير اسمها وجمالياتها وإعادة صياغة علامتها التجارية على أنها شيء جديد (وبالتالي تجاوز التسمية)؟

 

تصنيف الإخوان كأيديولوجية وليس كجماعة

 

ترى زيادة أن الجواب يكمن في أن جماعة الإخوان المسلمين يتم تصنيفها كأيديولوجية، وليس مجرد جماعة منفردة.

 

وقالت: "إذا قمت بتعيين منظمة واحدة، دعنا نقول، تصنيف كير، مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، فإن نفس الأشخاص الذين يعملون في كير سيبدأون منظمة جديدة باسم جديد، وستكون قانونية تمامًا وتعمل ضمن النظام القانوني".

واستدركت زيادة، قائلة: "لكن هذا التحوُّل أو التناسخ لا يحدث إلا عند تصنيف الفصائل. وتتمثل خطة التصنيف الجديدة في أنهم لا يستهدفون الإسلاميين، بل يستهدفون الإسلاموية. فإذا صنّفتم جماعة الإخوان المسلمين، فإنكم تُصنّفون الأيديولوجية نفسها".

 

وأشارت إلى أنه "إذا حظرتَ هذه الأيديولوجية، فالأمر أشبه بالاختناق؛ كأنك تقطع الأكسجين عن جميع الفصائل التي تؤيدها أو تعمل ضمن بيئتها. وهذا سيؤدي في النهاية إلى فقدانهم الأكسجين والتوقف عن العمل".

وأضافت "أعتقد أنه إذا تم ذلك بالطريقة الصحيحة، فسوف يحدث العجائب". مع ذلك، شددت على أنه يجب الحرص على عدم تحويل الحرب على الإخوان المسلمين إلى حرب على "المسلمين المعتدلين". وأضافت: "على الولايات المتحدة أن تحرص على عدم تجاوز هذا الخط".

 

وقالت زيادة: "الجماعة الإسلامية الوحيدة المنظمة في الدول الغربية هي جماعة الإخوان المسلمين. إنهم من يملكون المساجد، ويديرون المدارس والمراكز الإسلامية. لقد كانت هذه الجماعة الإسلامية المتطرفة تختطف أصواتهم منذ فترة طويلة، وكانت تستغل أصوات المجتمعات المسلمة في الدول الغربية لتدمير النظام الديمقراطي".

 

شبكة الإخوان في الغرب 

 

وسلّطت التقارير الصادرة خلال الأشهر القليلة الماضية الضوء على العدد الهائل من المراكز الإسلامية المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين في أنحاء الغرب، وخاصةً في فرنسا. 

 

وأضافت زيادة: "نحن نتحدث عن شبكة ضخمة تضم آلاف المراكز الإسلامية ومئات المدارس والمساجد، وهذا يقتصر على الولايات المتحدة فقط".

 

الفراغ الذي سيخلفه تصنيف الإخوان 


توقعت زيادة أنه على إثر القرار بتصنيف "الإخوان منظمة "إرهابية" "سوف يكون هناك بالتأكيد فراغ، وستكون هناك فجوة حيث سيفقد المسلمون العاديون، سواء كانوا سنة أو شيعة، اتجاههم لثانية واحدة حتى يتم تقديم بديل".

 

وتابعت: "بالإضافة إلى حظر جماعة الإخوان المسلمين وإنهاء أنشطتها، يتعين علينا توفير بديل للمسلمين المحليين والمجتمعات المسلمة المحلية في الدول الغربية، حتى لا يتمكن المتطرفون الآخرون من (الحصول على موطئ قدم)".

 

وأوضحت أن مثل هذا التهديد لا يمكن أن يأتي من إيران فحسب، بل من السلفيين أيضا، والتي وصفتها بأنها جماعة أيديولوجية "أكثر يمينية متطرفة" من الإخوان المسلمين، وهي بالفعل نشطة للغاية في العواصم الغربية، وأبرزها المملكة المتحدة.

 

وأشارت زيادة إلى أنه عندما تم إخراج الإخوان المسلمين من مصر، دخل السلفيون تلك الفجوة وأصبحوا الآن "يزدادون قوة يومًا بعد يوم".

 

وقد يؤدي هذا التصنيف أيضًا إلى تغييرات في الشرق الأوسط، مما يجبر اثنين من أكبر داعمي الإخوان المسلمين، قطر وتركيا، على الاختيار بين الجماعة أو علاقاتهما مع الولايات المتحدة.

 

قالت زيادة: "قطر، تحديدًا، تواجه خيارًا صعبًا للغاية. إما أن تستمر في دعم الإخوان المسلمين، وتمويلهم، ورعايتهم، وتلميع صورتهم في وسائل إعلامهم كالجزيرة وغيرها، والترويج لأيديولوجيتهم وروايتهم، مما يُهدد علاقتها بالولايات المتحدة، وخاصةً شراكتها الأمنية الجديدة".

 

واعتبرت أن الخيار الآخر هو اختيار الولايات المتحدة لفتح صفحة جديدة مع العالم الغربي وجيرانها في المنطقة، بما في ذلك الدول العربية و"إسرائيل"، والتخلص من هذه الأيديولوجية. وينطبق الأمر نفسه على تركيا.


https://www.jpost.com/international/islamic-terrorism/article-875088