شهدت السجون وأقسام الشرطة خلال أقل من أسبوع وفاة ثلاثة سجناء، بينهم اثنان من المعتقلين السياسيين، وفق ما وثقته منظمات حقوقية عدة، في مشهد يعكس حالة من القلق المتزايد بشأن أوضاع الاحتجاز.
هذه الحوادث التي وقعت خلال ثلاثة أيام فقط، سلطت الضوء مجددًا على ما تصفه تلك المنظمات بـ"تدهور بيئة الاحتجاز"، وارتفاع معدلات الوفيات الناتجة عن الإهمال الطبي وسوء المعاملة.
وفاة المعتقل السياسي محمد جمعة.. حكم بالإعدام ومعاناة لسنوات
بدأت سلسلة الوفيات مع إعلان منصة جوار الحقوقية وفاة المعتقل السياسي محمد جمعة داخل محبسه بسجن وادي النطرون، وسط اتهامات بالإهمال الطبي المتعمد.
كان جمعة قد صدر بحقه حكم نهائي بالإعدام في عام 2012 على خلفية القضية المعروفة إعلاميًا بـ"قسم العريش"، وبعد سنوات من احتجازه في سجن طرة، نُقل عام 2015 إلى سجن العقرب شديد الحراسة، حيث قضى ما يقرب من عقد في ظروف توصف بأنها "قاسية وغير آدمية"، تشمل عزلاً مطولًا وحرمانًا من الرعاية الصحية، بحسب منظمات حقوقية.
وتشير التقارير إلى أنّ حالته الصحية تدهورت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، دون استجابة كافية من إدارة السجن للمطالب المتكررة بتوفير الرعاية الطبية اللازمة.
أحمد محمود.. صراع مع السرطان انتهى داخل زنزانة
وفي سجن الجيزة العمومي، وثقت منصة “جوار” وفاة المواطن أحمد محمود (48 عامًا)، الذي كان يعمل في الأعمال الحرة ويقيم بقرية ناهيا بمحافظة الجيزة، بعد تعرضه لما توصف بأنه "إهمال طبي جسيم".
وبحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد أصيب محمود بسرطان بالغدة قبل أكثر من عامين، وتم تشخيص حالته في مراحل متقدمة من المرض، إلا أن إدارة السجن -وفق مزاعم حقوقية- رفضت نقله إلى مراكز متخصصة لتلقي العلاج الكيماوي رغم التدهور الواضح في وضعه الصحي.
وتؤكد المصادر أن تدهور حالته كان متوقعًا، وأن وفاته داخل محبسه جاءت نتيجة "حرمانه من حقه في العلاج"، ما يثير تساؤلات حول المعايير الطبية المتّبعة داخل منشآت الاحتجاز.
وفاة أحمد مصطفى “أحمد جزيرة” داخل قسم إمبابة.. ظروف احتجاز كارثية
وفي حادث ثالث، أعلنت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وفاة المواطن أحمد مصطفى، الشهير بـ"أحمد جزيرة"، (35 عامًا) داخل قسم شرطة إمبابة، وسط شكوك حول تعرضه للتعذيب.
كان مصطفى يعمل سائقًا ويقيم بحارة المكّاوي بمنطقة إمبابة، وتم توقيفه منذ نحو ثلاثة أسابيع على ذمة قضية تتعلق بالاتجار بمخدر “الآيس”. ورغم أنه لم يكن يعاني أي مشكلات صحية قبل احتجازه، فإن ظروف احتجازه وغياب أي إشراف طبي حقيقي أثارت علامات استفهام حول أسباب الوفاة.
وتشير شهادات من داخل القسم إلى أن ظروف الاحتجاز كانت “كارثية”، وأن وجود علامات على سوء المعاملة قد يعزز فرضية تعرضه للتعذيب، ما يستوجب –وفق القانون– فتح تحقيق جنائي شامل.
تصاعد مخيف لملف الوفيات.. والمنظمات تطالب بتحقيق دولي
تأتي هذه الوقائع وسط انتقادات متكررة توجهها منظمات حقوقية محلية ودولية للسجون المصرية، بشأن استمرار حرمان المحتجزين من العلاج، وتكدس الزنازين، وسوء التغذية، وغياب التهوية المناسبة، ما يؤدي إلى ارتفاع أعداد الوفيات سنويًا.
ودعت تلك المنظمات إلى فتح تحقيقات مستقلة وشفافة في حالات الوفاة الأخيرة، وضمان رقابة قضائية وطبية مستقلة على السجون، وتطبيق المعايير الدولية للمعاملة الإنسانية.
كما دعا حقوقيون إلى تحسين الخدمات الطبية داخل السجون وتوفير أسرّة طبية وغرف عزل مناسبة للمصابين بأمراض خطيرة، ونقل الحالات الحرجة إلى مستشفيات متخصصة دون تعطيل.

