على الرغم من الإبهار البصري الذي سعى إليه حفل الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، والذي كان يهدف إلى مخاطبة العالم بلغة العظمة والتاريخ، إلا أن أصوات "الناس العادية" على منصات التواصل الاجتماعي لم تتردد في توجيه انتقادات لاذعة للحفل. هذه الانتقادات، التي تجاوزت الإشادة بالصرح المعماري، كشفت عن فجوة عميقة بين الرؤية الرسمية للحدث والذوق الشعبي المصري. تركزت سهام النقد على ثلاثة محاور رئيسية: الإخراج التلفزيوني الرديء، واللغة الموسيقية الأوبرالية البعيدة عن الوجدان المصري، وغياب التمثيل الحقيقي للمرأة المصرية، مما حول الحفل من مناسبة للفخر الوطني إلى ساحة للجدل والسخرية الشعبية.
الإخراج في مرمى النيران: "عيب مش كده"
كانت جودة الإخراج التلفزيوني للحفل هي أول وأبرز النقاط التي أشعلت غضب رواد السوشيال ميديا. فقد تداول المستخدمون لقطات اعتبروها "أخطاء فادحة" في نقل الحدث، مثل استخدام ميكروفونات تقليدية بدلاً من اللاسلكية، أو زوايا تصوير لم تخدم المشهد العام.
انتقادات شعبية موثقة
هجوم غير مسبوق على المخرج: وصل الهجوم على مخرج الحفل إلى درجة دفعت فنانين وكتابًا للدفاع عنه، مطالبين السوشيال ميديا بـ "الرحمة" ووقف "التنمر"، وهو ما يؤكد مدى حدة النقد الشعبي.
"الصورة المسروقة": أثار جدل واسع حول استخدام صورة مسروقة لدار أوبرا سيدني في إحدى اللقطات الترويجية، مما أضاف بعدًا آخر للانتقاد حول الإخراج الفني.
هذا التركيز على الإخراج يعكس أن المواطن المصري، الذي أصبح خبيرًا في متابعة الأحداث العالمية عبر الشاشات، لم يتقبل أن يكون إخراج حدث بهذا الحجم أقل من المستوى العالمي الذي كان يُروج له.
الموسيقى الأوبرالية: لغة لا يفهمها الشارع
شكلت الموسيقى الأوبرالية التي سيطرت على الحفل محورًا ثانيًا للانتقاد الشعبي. فبينما رأى البعض أن هذا النوع من الموسيقى هو الأنسب لمخاطبة "شعوب العالم" ولإضفاء طابع عالمي على الحدث، رأى "الناس العادية" أن الحفل كان بعيدًا عن الوجدان المصري.
تغريدات تعكس الفجوة
عبر العديد من المستخدمين عن شعورهم بالانفصال عن الموسيقى، متسائلين عن سبب غياب اللمسات الموسيقية التي "تلمسهم" وتناسب ذوقهم الشعبي.
المحامي طارق العوضي كتب " أنا مش خبير إخراج…ولا بفهم في الكادرات وزوايا التصوير بس اسمحولي أقولها ببساطة وبفخر: #مصر افتتحت أكبر #متحف في العالم لحضارتها اللحظة دي مش مجرد افتتاح وكل اللي نفسي فيه دلوقتي وده حقنا إن يكون عندنا صناعة سياحة حقيقية محترفة تسوّق للعظمة اللي عندنا،وتخلّي العالم يحلم يزور مصر".
أنا مش خبير إخراج…ولا بفهم في الكادرات وزوايا التصوير
— طارق العوضى المحامى (@tarekelawady2) November 2, 2025
بس اسمحولي أقولها ببساطة وبفخر:#مصر افتتحت أكبر #متحف في العالم لحضارتها
اللحظة دي مش مجرد افتتاح
وكل اللي نفسي فيه دلوقتي وده حقنا إن يكون عندنا صناعة سياحة حقيقية محترفة
تسوّق للعظمة اللي عندنا،وتخلّي العالم يحلم يزور مصر
الإعلامي هيثم أبوخليل "مخرج حفل المتحف المصري الكبير إخوان! تحميل المخرج وحده المسؤولية خطأ في أي إنتاج محترم تُجرى بروفات نهائية يحضرها المسؤولون لتصحيح الأخطاء لكن ما شاهدناه كان فوضى متوقعة اعتمدها الكبار! والسؤال الأهم: كم تكلفة هذا الحفل؟ وهل موِّل بقروض جديدة؟ ومن سيسدد فاتورة البذخ والإسراف؟".
مخرج حفل المتحف المصري الكبير إخوان!
— Haytham Abokhalil هيثم أبوخليل (@haythamabokhal1) November 2, 2025
تحميل المخرج وحده المسؤولية خطأ
في أي إنتاج محترم تُجرى بروفات نهائية يحضرها المسؤولون لتصحيح الأخطاء لكن ما شاهدناه كان فوضى متوقعة اعتمدها الكبار!
والسؤال الأهم: كم تكلفة هذا الحفل؟
وهل موِّل بقروض جديدة؟
ومن سيسدد فاتورة البذخ والإسراف؟ pic.twitter.com/k8dYR6MMTk
وتتابعت التغريدات الساخرة التي جاءت كما يلي:
كلنا قولنا فعلا كانت وحشه جدا كع احترامنا لتاريخ هشام نزيه لكن بجد كانت مفجعه
— ♓Nermeen Ayaad♓ (@neverrepeated2) November 2, 2025
صورة الرؤساء والضيوف امام قناع الملك توت عنخ امون صورة عظيمة جدا فيها الاعجاب والدهشة من روعة وقيمة وإتقان القناع .. للاسف مخرج النقل التليفزيوني ضيع اللحظة العظيمة دي بسبب سرعة تغيير الكادرات بدون سبب لكن تظل الصورة الفوتوغرافية هي الاساس في نقل الحدث pic.twitter.com/BjOrNyvrpO
— Mohamed Ibrahim (@mohd_ay) November 2, 2025
مخرج الحفل اخرج الحفل بعقليه حفلات ليالي التلفزيون ف التسعينات
— 🇪🇬طنط امانى (@amanysaieed) November 2, 2025
أظهر الحفل ب أقل من قدره #المتحف_المصري_الكبير pic.twitter.com/oFBI7aQGbc
أشار النقد إلى أن الحفل كان موجهًا بشكل كامل إلى الضيف الأجنبي أو النخبة المحلية، متجاهلاً الجمهور المصري العريض الذي كان يتوقع أن يرى احتفالاً يعكس تراثه الموسيقي الغني والمتنوع.
هذا الجدل يكشف عن أزمة في تحديد هوية الخطاب الثقافي الرسمي: هل يجب أن يكون الحفل موجهًا للداخل لتعزيز الفخر الوطني، أم للخارج لجذب السياحة؟ وقد حسم الجمهور الأمر بأن الحفل فشل في مخاطبة الداخل.
غياب "المصريات": تمثيل شكلي للمرأة
على الرغم من ظهور الفنانة شريهان، إلا أن الانتقادات طالت غياب التمثيل الحقيقي للمرأة المصرية في سياق العرض. لم يكن النقد موجهًا لشخص شريهان، بل لغياب وجوه نسائية تمثل شرائح المجتمع المختلفة، أو نساء يمثلن الإنجازات الحديثة.
الانتقاد الموجه
تمحور النقد حول أن الحفل ركز على صورة نمطية أو "استعراضية" للمرأة، بدلاً من إبراز دورها الفعلي في بناء المجتمع.
أشار البعض إلى أن الحفل كان ذكوريًا في مجمله، وأن ظهور شريهان، رغم أهميته، لم يكن كافيًا لتعويض غياب "المصريات" في سياق العروض الفنية والثقافية.
وفي الختام أظهرت ردود الفعل الشعبية على حفل افتتاح المتحف المصري الكبير أن المواطن المصري لم يعد يكتفي بالإبهار الشكلي، بل أصبح يمتلك وعيًا نقديًا حادًا. الانتقادات الموجهة للإخراج والموسيقى وغياب التمثيل الحقيقي للمرأة تؤكد أن هناك فجوة بين ما تراه النخبة "عالميًا" وما يراه الشارع "مصرًا". هذه الانتقادات، التي انتشرت كالنار في الهشيم على السوشيال ميديا، هي دعوة صريحة لإعادة التفكير في كيفية تقديم الهوية المصرية في المحافل الكبرى، بحيث لا يكون الاحتفال موجهًا فقط لإرضاء العالم، بل ليعكس بصدق وجدان وفخر "الناس العادية" الذين هم أصحاب هذا التاريخ.

