في أعقاب الاحتفالات الصاخبة بافتتاح المتحف المصري الكبير، أطلق الاقتصادي والكاتب مراد علي صرخة نقدية مدوية عبر منصة "إكس"، لخصت حالة من الإحباط الشعبي والسياسي تجاه أولويات الحكومة وفشل السيسي في الملفات الداخلية.
وتحت عنوان "انتهى المولد والحمد لله"، وجه علي انتقادًا لاذعًا للتوجه الرسمي الذي يبالغ في تضخيم الإنجازات الاحتفالية، بينما يتجاهل أو يؤجل التعامل الجاد مع قضايا وطنية وإقليمية مصيرية.
الهروب من الواقع: النيل والاقتصاد أولاً
يضع مراد علي قضيتي النيل وسد النهضة والوضع الاقتصادي في صدارة التحديات التي يجب العودة إليها فور انتهاء "المولد". فالسؤال "ممكن نرجع نركز في النيل وسد النهضة؟" يعكس قلقًا عميقًا من أن ملف الأمن المائي، الذي يمثل تهديدًا وجوديًا لمصر، لا يحظى بالاهتمام الكافي أو بالحلول "الحقيقية" التي يطالب بها.
أما الشق الاقتصادي، فالسؤال "ممكن نشوف حلول حقيقية للوضع الاقتصادي؟" هو إدانة واضحة لغياب استراتيجيات إنقاذ فعالة. ففي الوقت الذي يُصوَّر فيه المتحف كـ "منقذ للاقتصاد"، يرى علي أن الواقع يتطلب مواجهة جذرية للتضخم، والديون، وأزمة العملة، بدلاً من التعويل على مشاريع سياحية ضخمة لا تعالج الخلل الهيكلي. هذا الانتقاد يوجه سهاماً مباشرة نحو إدارة الدولة التي تفضل الحلول السطحية على المواجهة الصعبة.
انتهى المولد والحمد لله..
— Mourad Aly د. مراد علي (@mouradaly) November 2, 2025
ممكن نرجع نركز في النيل وسد النهضة؟ ممكن نشوف حلول حقيقية للوضع الاقتصادي؟
ممكن ندي وقت لمواجهة تقسيم السودان وللي بيحصل في غزة ونتعامل بقى بجدية مع خطط نتنياهو لاعادة تشكيل المنطقة؟
ممكن نفكر شوية في التعليم والصحة والتصنيع ونستثمر فيهم؟
ممكن ولا صعب؟… pic.twitter.com/Ko8wSzlxre
التحديات الإقليمية: غزة والسودان في دائرة الإهمال
لم يغفل علي عن التحديات الإقليمية التي تلامس الأمن القومي المصري بشكل مباشر. فمطالبته بـ "ندي وقت لمواجهة تقسيم السودان وللي بيحصل في غزة" تشير إلى أن التعامل الرسمي مع هذه الملفات لا يرقى إلى مستوى الجدية المطلوبة.
فيما يخص السودان، فإن الإشارة إلى "مواجهة تقسيم السودان" تعكس الخطر الاستراتيجي الذي يهدد الحدود الجنوبية لمصر، والذي يتطلب تحركًا دبلوماسيًا وسياسيًا أكثر حزماً.
أما غزة، فالسؤال عن "التعامل بجدية مع خطط نتنياهو لإعادة تشكيل المنطقة" هو اتهام ضمني بالتراخي في مواجهة المخططات الإسرائيلية التي تهدد الأمن القومي المصري بشكل مباشر، سواء عبر التهجير أو تغيير الجغرافيا السياسية للحدود. يرى علي أن هذه القضايا لا تحتمل التشتيت أو التأجيل، وأنها تتطلب يقظة وتخطيطًا استراتيجيًا بدلاً من الانشغال بالاحتفالات.
التنمية البشرية: تعليم وصحة وتصنيع
يختتم مراد علي تغريدته بالعودة إلى القضايا التنموية الأساسية، متسائلاً: "ممكن نفكر شوية في التعليم والصحة والتصنيع ونستثمر فيهم؟".
هذا التساؤل يمثل انتقادًا لنموذج التنمية المتبع، الذي يركز على الإنفاق الضخم على البنية التحتية والمشاريع الاحتفالية، على حساب الاستثمار في رأس المال البشري والقطاعات الإنتاجية الحقيقية.
فالتعليم والصحة هما الركيزتان الأساسيتان لأي نهضة حقيقية، بينما يمثل التصنيع الطريق الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية والاعتماد على الاستيراد. إن تجاهل هذه القطاعات لصالح "المظاهر" هو ما يراه علي جوهر الأزمة في إدارة الدولة.
ردود الفعل
التغريدة، التي لاقت صدى واسعًا، لم تكن مجرد تعليق عابر، بل كانت بمثابة خارطة طريق للقضايا التي يرى الشارع أنها تُدار بغياب الجدية والحلول الحقيقية.
وجاءت أغلب الردود كما يلي:
موالدهم كتير هههههه
— الباشمهندس (@SGhrably) November 2, 2025
شويه وهيطلعوا بمولد جديد ويعملوله دعايه كبيره وهكذا !!!!
صعب طبعا هذا اخر شئ يفكرو فيه لأنها مش في اولويات النظام!!
— 🦋hana🦋 (@han630003087432) November 2, 2025
احنا بنحب البروباغندا !! علشان نغطي على فشلنا!!
للأسف دى أخر حاجة ممكن يهتم بها هذا القزم
— أبويوسف (@Abuyousef_123) November 2, 2025
وأخيرا فتغريدة مراد علي هي بمثابة جرس إنذار يوجه للحكومة المصرية. إنها دعوة صريحة للعودة إلى "الواقع" والتوقف عن تشتيت الانتباه بـ "الموالد" الاحتفالية.
الانتقاد يتركز حول أن الإدارة الحالية تفضل الهروب إلى الإنجازات المظهرية على مواجهة التحديات المصيرية في النيل والاقتصاد والأمن الإقليمي والتنمية البشرية.
إن السؤال الختامي "ممكن ولا صعب؟" يلخص التحدي: هل تملك الحكومة الإرادة السياسية للتحول من إدارة المظاهر إلى إدارة الأزمات بجدية حقيقية؟

