لا صوت يعلو في مصر الآن على صوت الاستعدادات الجارية على قدم وساق لذلك الحدث العالمي المقرر يوم السبت المقبل، بحضور نحو 40 رئيس دولة وملكًا ورؤساء حكومات من مختلف أنحاء العالم تمت دعوتهم لحضور افتتاح المتحف المصري الكبير الذي يقع على بعد نحو كيلومترين من هضبة الأهرامات، ويعد من أضخم المشروعات الثقافية في تاريخ مصر الحديث.
يمتد المتحف على مساحة تقارب نصف مليون متر مربع عند سفح أهرامات الجيزة، بتكلفة تزيد على مليار دولار، ويضم أكثر من مائة ألف قطعة أثرية توثق تاريخ مصر منذ فجر الحضارة حتى العصرين اليوناني والروماني، ليكون أكبر عرض متكامل للآثار المصرية في مكان واحد.
ساهم في تمويل بناء المتحف عدة جهات كان أبرزها قرضين ميسرين من وكالة جايكا اليابانية الأول في 2006 بقيمة 280 مليون دولار والثاني في 2016 بقيمة 460 مليون دولار، بالإضافة إلى 150 مليون دولار من التبرعات والمُساهمات المحلية والدولية و100 مليون دولار تمويل ذاتي من الحكومة المصرية.
تقدر دراسات الجدوى للمشروع عدد زوار المتحف وأهرامات الجيزة بـ 5 ملايين زائر سنويًا، مما سيخلق طلبًا على الفنادق والمتنزهات الترفيهية والمراكز الثقافية.
ويقع في قلب المتحف جوهرة التاج: صالات عرض توت عنخ آمون، التي تضم أكثر من 5398 قطعة من مقبرة الملك توت عنخ آمون، بالإضافة إلى ملحق منفصل يعرض قاربين ملكيين تم اكتشافهما بالقرب من الهرم الأكبر في عام 1954.
فكرة إنشاء المتحف
تعود بداية المشروع إلى عام 2002 عندما وضع الرئيس حسني مبارك حجر أساس المشروع في 4 فبراير من ذلك العام بحضور جمع من المختصين والمسؤولين وقتها على رأسهم وزير الثقافة فاروق حسني والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار جاب الله علي جاب الله.
وفي عام 2006، نقل تمثال الملك رمسيس الثاني العملاق من ميدان رمسيس بوسط القاهرة إلى موقع المتحف في حدث حظي باهتمام إعلامي محلي ودولي. وكانت رحلة التمثال جزءًا من حملة حكومية للترويج للمتحف المصري الكبير.
وافتتح المتحف المصري الكبير للتشغيل التجريبي منذ 16 أكتوبر 2025 لعدد من الأماكن به، وفي إطار التجهيزات والاستعدادات للافتتاح الرسمي المقرر في 1 نوفمبر 2025، تم إغلاقه بصفة مؤقتة خلال الفترة من 15 أكتوبر وحتى 4 نوفمبر، على أن يستأنف استقبال زائريه بدءًا من 4 نوفمبر خلال مواعيد العمل الرسمية، والذي يوافق الذكرى ال 103 لاكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون.
وتحدث وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني في مقابلة مع فضائية "العربية" عن فكرة إنشاء المتحف الكبير التي تعود لعام 1992 وكيف أقنع بها الرئيس مبارك، الذي كان قلقًا من كيفية تمويل هذا المشروع الكبير، بقروض، كما أنه تحفظ على المكان الذي اختير في البداية للمتحف، لأنه كان مقر استراحة قائد القوات الجوية، ونصحه بالابتعاد عن القوات المسلحة. لكن حسني اختار الارض البديلة التي كانت افضل في إطلالتها على الهرم، وتابعة بالمثل للقوات المسلحة، وساعده في ذلك المشروع المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق.
اعتراضات على المشروع
حسني كشف عن أن فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير واجهت انتقادات كبيرة، ومعظم الأثريين رفضوه ومن بينهم زاهي حواس، الأثري المعروف، ووزير الآثار الأسبق، قائلاً إنه كان معترضًا في البداية على فكرة إنشاء المتحف.
وأرجع الاعتراض إلى حفظ كل الأثريين - سواء أجانب أو مصريين - لأماكن القطع الأثرية في المتحف المصري بالتحرير، وعدم رغبتهم في نقلها حتى لا يشعرون بالحيرة.
لكنه تمكن من التغلب على جميع العقبات فيما بعد، قائلًا: "كان أمامي هدف أعمل شيء يهم العالم أجمع وليس مصر فقط، لم أفكر في مسئول أو فاروق حسني نفسه، كنت بفكر في مجتمع ودولة تأخذ حجمها الحقيقي وسط العالم".
وأوضح أن العمل قبل عام 2011 اقتصر على إزالة كم هائل من الرمال ووضع الأساسات وإجراء دراسات التربة، ثم استسلم بعدها للزمن لشعوره بأن الأنظمة الجديدة لن تهتم بالمشروع.
وقد تسلم حسني، الدعوة لحضور الاحتفالية، باعتباره صاحب الفكرة الأولى لإنشاء المتحف المصري الكبير.
وكتب الإعلامي حافظ المرازي، مدير مكتب قناة "الجزيرة" السابق بواشنطن، قائلاً: "لا أستبعد ان يفاجئنا الرئيس السيسي ويُحرج المطبلاتية من شباب وشابات التنسيقية والسامسونجية، بدعوة صاحب فكرة المتحف المصري الكبير فاروق حسني ليقص معه شريط الافتتاح مثلما فعل الرئيس مبارك، بعدم أخذ الصورة وحده، ومشاركة الرجل، وزيره للثقافة، في وضع حجر الأساس للمشروع عام 2002".
وأضاف: "وليت موجهي إعلام المتحدة واللجان يتعلمون شيئا من وزراء أبو علاء، الذي ظل في الحكم عشرين عامًا "يرمي ورا ضهره" بدل الحملات الصبيانية ضد اي انتقاد!".
انتقادات زوار المتحف
في مدخل المتحف المصري الكبير، تنتشر مجموعة من منافذ البيع بالتجزئة الراقية التي تبيع المجوهرات الفاخرة وحقائب اليد والسجاد الشرقي، إلى جانب متجر المتحف الخاص والعديد من المطاعم، مما جعل بعض الزوار من المصريين يتساءل عن السبب وراء إطلاق تجربة التسوق داخل متحف مخصص للآثار المصرية القديمة، فيما يشبه "المولات"، منتقدين التحويل السياحي المُفرط لهذا التراث، بدءًا من تسعير التذاكر، مرورًا بالمواصلات، ووصولًا إلى التسوق في داخله.
 
الأمريكية أنجيلا التي قامت بالعديد من الجولات حول العالم خلال السنوات تحدثت عن تجربتها في زيارة المتحف المصري الكبير، وكيف واجهت صعوبات في الوصول إليه، قائلة إن الوصول إلى المتحف المصري الكبير ربما يكون أسوأ شيء، لأنه من الصعب جدًا الوصول إليه إلا إذا كنت مقيمًا بالفعل في الجيزة.
وأضافت: "كنت أقيم بالقرب من ميدان التحرير في وسط القاهرة، وهو ليس قريبًا من الجيزة والمتحف المصري الكبير. يبعد حوالي 20 كيلومترًا عن وسط المدينة. وإن حالفك الحظ، فستستغرق الرحلة حوالي 30 دقيقة"، مشيرة إلى أن هناك الكثير من أعمال البناء الجارية في أنحاء الجيزة، مما يُعقّد أيضًا التنقل.
تتذكر أنها حاولتُ طلب سيارة أوبر، "لكنني وجدتُ باستمرار أن سائقي أوبر إما يرسلون لي رسائل يطلبون فيها مبلغًا أكبر من المبلغ المتفق عليه في التطبيق (مبالغ باهظة - طلب أحد السائقين 40 دولارًا أمريكيًا!)، أو أنهم لا يريدون القيادة إلى الجيزة".
لوتابعت: "لحسن الحظ، كنتُ برفقة صديق يتحدث العربية، فتمكنا من إقناع سيارة أجرة بنقلنا إلى هناك. لم يكن لديه أي فكرة عن المتحف المصري الكبير، حتى أنه اتصل بسائقي سيارات أجرة آخرين للحصول على التعليمات. في النهاية، فوّت هو الآخر مخرجًا (عدة مرات)، فاستغرقنا حوالي 45 دقيقة للوصول إلى هناك من وسط المدينة".
وأوضحت: لم يكن أحد منا يعرف ما الذي يمكن توقعه فيما يتعلق بالتوصيل ومواقف السيارات، مما جعل الأمر أكثر تعقيدًا".
 


 
						
											 
 
					     
 
					     
									 
									 
									