في مرحلة مبكرة من عمرهم، يبدأ الأطفال التعامل مع الهواتف الذكية، وعادة ما تكون بداية التعرف عليها من خلال الإمساك بهاتف الأب أو الأم في أوقات فراغهم، حيث يمارسون الألعاب الإلكترونية، ويشاهدون الفيديوهات، ويلتقطون الصور، ويتواصلون مع أجدادهم عبر تطبيق "فيس تايم".

 

لكن متى يتحمل الطفل المسؤولية لامتلاك هاتف خاص به؟ ومتى يكون قادرًا على استخدامه؟

 

يقول الدكتور ديف أندرسون، أخصائي علم النفس السريري في معهد "تشايلد مايند": "لقد انقلب السؤال من متى تشتري هاتفًا لطفلك، إلى كيف نجعله يتماشى مع مرحلة نموه؟".

 

وأضاف: "قد يكون من المفيد لطفل في الصف الرابع أن يمتلك هاتفًا ليتواصل معك عندما يحتاج إلى من يأخذه أو عندما يبيت مع أحد الوالدين، لكن معظم الآباء لا يرغبون في أن ينغمس أطفالهم في أواخر المرحلة الابتدائية أو أوائل المرحلة الإعدادية في استخدام الإنترنت وتطبيقات التواصل الاجتماعي".

 

الضغط على الوالدين

 

في بداية المرحلة الإعدادية، قد يكون الضغط النفسي عليهم شديدًا، ويخشى الآباء من شعور أطفالهم بالعزلة إذا كان لديهم زملاء يمتلكون هواتف خاصة بهم بينما لا يملكونها.

 

ماكس ستوسيل، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنظمة "الصحوة الاجتماعية"، وهي منظمة تُشجع على الاستخدام السليم للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، يُوصي الآباء بالالتزام بمنع إعطاء أطفالهم هواتف ذكية حتى الصف الثامن على الأقل.

 

يشير ستوسيل إلى أن إحدى الاستراتيجيات لتجنب ميزات الهواتف الذكية الخطيرة والمسببة للإدمان هي تعريض الأطفال لهاتف لا يُستخدم للتواصل الاجتماعي أو الألعاب أو تصفح الإنترنت.

 

على سبيل المثال، يُمكن استخدام هاتف (جاب) للمكالمات والرسائل النصية. كما أنه مزود بكاميرا وتقويم وراديو إف إم ونظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، ما يُمكّنك من مراقبة مكان طفلك. ولكنه لا يحتوي على متجر تطبيقات أو رسائل مصورة أو رسائل جماعية.

 

الرقابة الأبوية

 

تُتيح الهواتف الذكية نفسها للآباء أيضًا إمكانية استخدام أدوات التحكم في الهاتف، بما يسمح لهم بمنع أطفالهم من الوصول إلى بعض المواقع والتطبيقات.

 

يُشير الدكتور أندرسون إلى أن "شركات الهواتف المحمولة قد نضجت في العامين الماضيين، إذ يُمكن للآباء وضع ضوابط على التطبيقات التي يُمكن تنزيلها على الهاتف".

 

تتيح الهواتف الذكية للآباء تحديد ليس فقط التطبيقات التي يمكن للأطفال الوصول إليها، بل أيضًا أنواع الأفلام والبرامج التلفزيونية التي يمكنهم مشاهدتها.

 

كما يمكنك تحديد وقت محدد لأشياء مثل الألعاب والترفيه ووسائل التواصل الاجتماعي، ومراقبة ما يفعلونه عندما يستخدمون الهاتف.

 

لكن أخطرها هي وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت غير المُفلتَر. يتذكر ستوسيل زميلًا كان يطلب عند التحدث إلى مجموعات من الطلاب من متطوع أن يتقدم ليُعلِّم الفصل كيفية تجاوز جدار الحماية في المدرسة. في كل مرة، كان الطالب يُنفِّذ ذلك بسهولة، شارحًا التطبيقات التي يجب استخدامها للوصول إلى المواقع المحجوبة.

 

ويضيف ستوسيل: "لذا، سيكون الأطفال دائمًا متقدمين بخطوة على آبائهم. ومحاولة مراقبة كل ما يمكنهم الوصول إليه قد تكون مهمة شاقة".

 

يُوصي باستخدام أداة الرقابة الأبوية "بارك"، التي تراقب نشاط الطفل على منصات التواصل الاجتماعي، ويوتيوب، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية.

 

تُرشّح الأداة مؤشرات المحتوى الضار، بما في ذلك المواد الجنسية، والتهديدات بالعنف، والاكتئاب، والأفكار الانتحارية، والتنمر.

 

يتلقى الآباء تنبيهات عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية في حال وجود أي أمر مُقلق في نشاط الطفل على الإنترنت. كما يُمكن استخدامها للحد من وقت استخدام الشاشة وحظر بعض المواقع الإلكترونية.

 

"سكرين تايم" هي أداة أخرى تسمح بتعيين حدود زمنية لاستخدام الشاشة اليومي، وحظر الفترات التي لا يجب فيها استخدام الشاشات، وتتضمن فئات من المواقع وعناوين (يو آر إل) الفردية.

 

الأمر لا يتعلق بالعمر فقط

 

يقول الدكتور جيري بوبريك، الطبيب النفسي السريري في معهد "تشايلد مايند" بالولايات المتحدة، إنه يُسأل كثيرًا عن السن المناسب لإهداء الطفل هاتفًا.

 

ويجيب: "أقول للآباء إن الأمر لا يتعلق بعمر محدد بقدر ما يتعلق بوعي الطفل الاجتماعي وفهمه لمعنى التكنولوجيا". عند التفكير في اقتناء هاتف، وتحديد مقدار ما يجب أن يُسمح للأطفال باستخدامه، ينصح بمراعاة هذه الأمور:

 

كم مرة يفقد طفلك أغراضه، وخاصةً الثمينة؟ إذا أخبرته أن شيئًا ما بالغ الأهمية، فهل يعتني به جيدًا، أم يتركه في الحافلة لبضعة أيام؟

هل يُحسن طفلك التعامل مع المال؟ هل سيجد نفسه في خضم لعبة ما ويشتري المزيد باندفاع دون مراعاة تكلفتها؟

انتبه إلى سهولة استيعاب طفلك للإشارات الاجتماعية إذا كان بطيئًا في استيعابها، فقد يتفاقم هذا النقص في الرسائل النصية والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

ما مدى إلمام طفلك بالتكنولوجيا؟ هل يدرك أن موظفي القبول الجامعي وأصحاب العمل والزملاء في المستقبل قد يرون أي شيء ينشره الآن؟

ما مدى التزام طفلك بحدود وقت الشاشة ؟ إذا كان ملتصقًا بالكمبيوتر أو جهاز الألعاب باستمرار، فمن المرجح أن يجد صعوبة في ترك الهاتف أيضًا.

 

الهواتف المحمولة واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

 

قد يكون التحفيز المستمر الذي توفره الهواتف المحمولة مُشتتًا للانتباه بشكل خاص للأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

 

يوضح الدكتور أندرسون: "صُممت الهواتف لتكون مُعززة قدر الإمكان. إذا لم تكن تستقبل بريدًا إلكترونيًا، أو كنت تستقبل تحديثات على وسائل التواصل الاجتماعي، أو كنت تتابع آخر الأخبار، أو كنت تتابع نتائج المباريات الرياضية".

 

ويجد الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه صعوبة أكبر في مقاومة كل هذا التحفيز، والبقاء على تواصل مع الأنشطة الأقل تحفيزًا ولكن الأكثر أهمية، مثل  الواجبات المنزلية  أو المحادثة على طاولة العشاء. قد يدفعهم اندفاعهم أيضًا إلى نشر أو إرسال شيء قد يندمون عليه لاحقًا.

 

قواعد أساسية

 

إذا كنت ستشتري لطفلك هاتفًا، ينصح الخبراء بوضع إرشادات واضحة خلال الحديث معه قبل منحه الجهاز. إليك بعض القواعد التي يمكنك تطبيقها على استخدام طفلك للهاتف المحمول:

 

تأكد من أنك تعرف كلمة المرور لهاتف الطفل، وأن  لديك الحق في أخذها منه  إذا كنت لا تعتقد أنه يستخدمها بحكمة.

ضع حدودًا لوقت استخدام الشاشة والهاتف، بخاصةً للأطفال الذين يجدون صعوبة في الابتعاد عن الشاشة.

اتفق على حدود المبلغ المتاح لشراء الألعاب أو التطبيقات.

حدّد عواقب فقدان الهاتف أو كسره. هل سيتم استبداله؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن سيدفع ثمنه؟

حدد أوقات اليوم التي لا يُسمح فيها باستخدام الهاتف، مثل وقت متأخر من الليل أو أثناء الأنشطة العائلية.

عندما يبدأ أطفالك باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، راقبهم وأخبرهم أنك تفعل ذلك.