في تطور سياسي وعسكري كبير، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التوصل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب على قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبدء إدخال المساعدات الإنسانية، إضافة إلى تبادل الأسرى بين الجانبين، في خطوة اعتبرها مراقبون بداية مرحلة جديدة بعد أشهر من القتال المدمر.
 

اتفاق شامل برعاية دولية
وقالت الحركة في بيان رسمي صدر صباح الخميس، إنها خاضت مفاوضات “مسؤولة وجادة” برفقة فصائل المقاومة الفلسطينية، تناولت مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تم بحثه في شرم الشيخ، بهدف التوصل إلى اتفاق يوقف “حرب الإبادة على شعبنا الفلسطيني، ويضمن انسحاب الاحتلال من قطاع غزة بالكامل”.

وأضافت حماس أنها “تقدّر عالياً الجهود الأخوية التي بذلتها كل من قطر ومصر وتركيا لإنجاح المفاوضات”، مشيدة كذلك بدور ترامب الذي “سعى إلى إنهاء الحرب نهائياً وضمان انسحاب الاحتلال بشكل كامل من القطاع”.
كما دعت الحركة في بيانها الرئيس الأمريكي والدول الضامنة للاتفاق، إلى إلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ بنود الاتفاق دون مماطلة، مؤكدة أن أي محاولة للتهرب من الالتزامات “ستقوّض فرص السلام وتعيد المنطقة إلى دائرة العنف”.
 

تقدير المقاومة وتحية للشعب
ووجّهت الحركة التحية إلى “شعبنا العظيم في قطاع غزة، والقدس، والضفة الغربية، وداخل الوطن وخارجه”، مشيرة إلى أن الشعب الفلسطيني “قدّم مواقف بطولية وشرفاً لا نظير له في مواجهة مشاريع الاحتلال الفاشية التي استهدفت وجوده وحقوقه الوطنية”.

وأكدت حماس أن تضحيات الشعب الفلسطيني لن تذهب هباءً، وأنها ماضية “على العهد حتى تحقيق الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير”.
 

إعلان ترامب: بداية مرحلة جديدة
من جانبه، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصته الرسمية “تروث سوشيال”، أن الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس وقعا على المرحلة الأولى من خطة السلام، مؤكداً أن الاتفاق “يمهد لسلام قوي ودائم في الشرق الأوسط”.
وقال ترامب: “هذا يعني أن جميع الرهائن سيُفرج عنهم قريباً جداً”، مشيراً إلى أن إسرائيل “ستسحب قواتها إلى خطوط متفق عليها ضمن الخطوات الأولى نحو السلام”.

وأضاف الرئيس الأمريكي أن “جميع الأطراف سيتم التعامل معها بعدل”، في إشارة إلى التزام واشنطن بضمان تنفيذ الاتفاق من الجانبين.
 

تصريحات الوسطاء الإقليميين
من جهته، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أن الوسطاء توصّلوا إلى “اتفاق على بنود تنفيذ المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة”، موضحاً أن الاتفاق “سيؤدي إلى وقف الحرب، وإطلاق المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، إضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى القطاع”.

وأكد الأنصاري أن التفاصيل الكاملة للاتفاق “سيُعلن عنها لاحقاً”، بعد انتهاء المشاورات الفنية بين الأطراف المعنية.
 

استعدادات إسرائيلية للتنفيذ
وفي تل أبيب، نقلت قناة “12” الإسرائيلية عن مسؤولين حكوميين أن الاتفاق سيتم توقيعه رسمياً اليوم الخميس، على أن يبدأ الإفراج الأول عن الأسرى يومي السبت أو الأحد المقبلين.
وأشارت القناة إلى أن الجيش الإسرائيلي تلقى أوامر بالاستعداد لإعادة الانتشار وفق التفاهمات الجديدة، تمهيداً للانسحاب من المناطق المأهولة في القطاع.
 

مؤشرات أمريكية مسبقة
وفي وقت سابق، كشفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن مذكرة سلّمها وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو للرئيس ترامب خلال اجتماع مغلق، تضمنت مؤشرات على قرب التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، وهو ما أكدته لاحقاً وكالة الصحافة الفرنسية التي نقلت عن مصادر في البيت الأبيض أن “واشنطن كانت تحضّر نص خطاب رئاسي لإعلان الاتفاق رسمياً”.
 

بداية مسار جديد للسلام
بهذا الإعلان، تكون المرحلة الأولى من اتفاق غزة قد وضعت الأسس لإنهاء واحد من أعنف الصراعات في تاريخ القطاع، بعد شهور من القصف والتدمير وسقوط آلاف الضحايا.

ويرى مراقبون أن الاتفاق الجديد يمثل تحولاً نوعياً في مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، إذ يجمع لأول مرة بين انسحاب عسكري شامل، وتبادل للأسرى، وضمانات أمريكية ودولية لتنفيذ البنود على الأرض.
ويأمل الفلسطينيون أن يشكّل هذا الاتفاق بداية حقيقية لسلام دائم يعيد إعمار غزة ويعيد الحقوق لأصحابها، بينما تبقى الأنظار معلقة على شرم الشيخ حيث يجري التوقيع النهائي، وسط ترقب عالمي لمستقبل المنطقة بعد هذه الخطوة التاريخية.