شهد افتتاح موسم الرياض 2025 توترات واضحة بين مصر والسعودية تمثلت في تصريحات المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، التي اعتبرها كثيرون هجوماً غير مباشر على مصر ومحاولة للتقليل من شأنها الثقافي والفني.

 

قرار استبعاد المصريين من موسم الرياض

أعلن تركي آل الشيخ في إعلان صادم أن موسم الرياض القادم سيكون حكراً على الفنانين السعوديين والخليجيين، مستبعداً نجوم مصر الذين لطالما تصدروا مشهد الترفيه في المملكة. وأكد أن الموسم سيعتمد على الفنانين السعوديين بنسبة 80% من الحفلات الغنائية، مع إشراك فنانين سوريين دون ذكر أي مشاركة مصرية.

قال آل الشيخ في المؤتمر الصحفي للموسم: "نجاحنا سببه توفيق الله ثم القيادة، حان الوقت نعطي لشبابنا السعوديين الفرصة"، مؤكداً أن "موسم الرياض أصبح حدثاً عالمياً يشارك فيه الجميع من مختلف الجنسيات" ولكن دون إشراك مصري واضح.

 

التصريحات المثيرة للجدل حول الانتقادات

في أكثر تصريحاته إثارة للجدل، قال تركي آل الشيخ: "الكلام السلبي عن موسم الرياض نسمعه من محيطنا، ولا نسمعه من الجهات الغربية"، في إشارة واضحة إلى الدول العربية وتحديداً مصر. وأضاف: "لا أعرف إن كان سببه القلق من المشاريع الترفيهية والسياحية في السعودية، لكن بصراحة ما عندي تفسير واضح".

وتابع قائلاً: "نحن لا نحتاج أحداً، مفيش واحد بريطاني قال لي أنت جايي تسحب منا قوتنا الناعمة"، في تلميح غير مباشر لاتهام الدول العربية بالحسد والمنافسة. كما انتقد ما أسماه "محاولة البعض تسييس الموسم" وأكد أن "نجاح موسم الرياض سعودي خالص ولا لأحد فضل علينا".

 

حرب الذباب الإلكتروني المنظمة

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حرب ذباب إلكتروني منظمة بين السعودية ومصر، حيث شن الذباب الإلكتروني السعودي "هجمات منظمة للدفاع عن آل الشيخ ومحاولة تهدئة الموقف"، بينما رد المصريون بانتقادات حادة لما اعتبروه "استغلالاً للقضايا البسيطة لإثارة البلبلة وإضعاف الروح الوطنية المصرية".

تصاعدت هذه الحرب الإلكترونية إلى حد أن "توالت ردود أفعال ساخرة ومُحملة بالغضب، حيث انتقد كثيرون ما اعتبروه تقديم صورة السخرية من المصريين في الإعلام الخليجي". وقد "شن الذباب الإلكتروني السعودي هجمات منظمة" ما أدى إلى "تصعيد سياسي وإعلامي كبير بين البلدين".

 

الرسائل المبطنة والإهانات غير المباشرة

تضمنت تصريحات آل الشيخ رسائل مبطنة اعتبرها محللون إهانات غير مباشرة لمصر، منها منشوره الساخر عن "الفول المصري" الذي "أثار موجة من التهكم عليه من جانب المصريين، باعتبار أن الفول من الأكلات الشعبية المصرية ذات الطابع الوطني".

كما أن "هذه التصريحات والمواقف التي تشمل تحقير ضمني للمصريين، كُتبت وأُطلقت عدة مرات عبر منصاته الإعلامية، وفي مناسبات رسمية وحتى غير رسمية، ما يعكس رغبة في فرض الهيمنة الإعلامية والثقافية السعودية على مصر".

 

ردود الفعل المصرية والانقسام

انقسمت ردود الفعل المصرية بين "شامت بالفنانين الذين بحسب وصفهم باعوا أنفسهم للرياض وبين آخرين اعتبروا كلام آل الشيخ هجوماً وردوا الهجوم بالهجوم". وقد وصل الأمر إلى "خروج الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتعليق ولو بشكل غير مباشر على هذه التطورات" بخطاب تصالحي.

من جهته، حاول الإعلامي عمرو أديب تبرير قرار آل الشيخ بـ"منشور طويل عن صبر السعودية الذي نفد من تعرض المملكة لحملات مغرضة وهجومية من قبل المصريين"، مؤكداً أن "هذه الحملة كانت تقف خلفها شركة بعينها لم يسميها".

 

الأبعاد السياسية للأزمة

يرى محللون أن الأزمة تتجاوز الفن إلى أبعاد سياسية أعمق، حيث "لا يوجد دفء في العلاقات بينهما بل تنحصر المشتركات وتظهر الخلافات أكثر". وأن "أبرز نقاط الاختلاف هو ملف غزة فالسعودية لها رؤية تتعارض مع الرؤية المصرية حيث تريد الرياض لعب دور أكبر في القضية الفلسطينية".

كما تشمل نقاط الخلاف "ملف سوريا فالسعودية رحبت بل حملت سوريا الجديدة على أكتافها وسعت لإدماجها بالعالم بعكس مصر التي قابلت التغيير ببرود وصل حد الجفاء". بالإضافة إلى "ملف إيران حيث القاهرة سعت للتقارب مؤخراً مع طهران وهذا أمر لا تفضله الرياض".

 

الأثر الاقتصادي والثقافي

كان لهذا القرار أثر اقتصادي كبير حيث "كان موسم الرياض بالنسبة للمصريين بوابة رزق"، و"مكاسب المصريين من موسم الرياض كانت كبيرة والاستفادة المادية كثيرة ولكثيرين من العاملين في القطاع الفني". والخوف الأكبر هو "أن تقطع السعودية إمداداتها في قطاعات أخرى غير الفن كالسياحة مثلاً أو الاستثمار".