كشف تحقيق استقصائي موسّع أجرته شبكة "بي بي سي" البريطانية في سبتمبر 2025 عن شبكة واسعة للاتجار بالبشر والدعارة في إمارة دبي، تعمل في ظل صمت رسمي مثير للريبة، مستغلة نظام التأشيرات والسياحة في واحدة من أغنى وجهات العالم.
شهادات حية وضحايا من أفريقيا
التحقيق، الذي حمل عنوان Death in Dubai: #DubaiPortaPotty وأعدّته الصحفية روناكو سيلينا، تضمن سلسلة تقارير تلفزيونية وبودكاست، وقدّم روايات مباشرة لضحايا – معظمهن من أوغندا ودول أفريقية أخرى – جرى استدراجهن بوعود عمل، ثم أُجبرن على ممارسة الدعارة والخضوع لممارسات مهينة في حفلات خاصة لزبائن أثرياء.
كما وثّق التحقيق حالات وفاة غامضة لنساء سافرن إلى دبي، بينها سقوط ضحايا من نوافذ ناطحات سحاب، صُنفت رسمياً كحوادث انتحار، بينما ربطها التحقيق بشبكات الاستغلال الجنسي والديون المفروضة على الضحايا.
نظام استغلالي منظم
أشارت الـBBC إلى فرض "ديون مزيفة" على الضحايا مقابل التأشيرات والسكن والنقل، مع أسعار بيع تصل إلى 1,000 دولار في الليلة.
التحقيق قارن هذه الوقائع بتقارير دولية سابقة (Reuters / ICIJ) التي أكدت أن الاتجار بالبشر في الخليج ظاهرة قديمة، وأن الاعتقالات أو المحاكمات المحدودة لا تعكس حجم المشكلة.
تقارير دولية متطابقة
تقارير وزارة الخارجية الأميركية ومنظمات أممية سبق أن صنّفت الإمارات وغيرها من دول الخليج كوجهات رئيسية للاتجار بالبشر والعمل القسري، خصوصاً من أفريقيا وآسيا.
هذه التقارير اعترفت بوجود بعض جهود رسمية، لكنها أكدت وجود فجوات قانونية وتنفيذية تسمح باستمرار الشبكات شبه بحرية.
انعكاسات مصرية
الأهمية المصرية في الملف تنبع من العلاقات الوثيقة بين نظام عبد الفتاح السيسي والإمارات، حيث تتداخل الاستثمارات الإماراتية بمليارات الدولارات مع تبعية سياسية واقتصادية متزايدة.
منتقدون يرون أن هذه المصالح تجعل القاهرة أقل استعداداً لانتقاد ممارسات أبوظبي في قضايا حقوق الإنسان أو حماية العمالة المهاجرة، ما يترك مواطنين مصريين عرضة للمخاطر في السفر غير المنظّم.
ردود فعل إقليمية
في أوغندا، أثارت التحقيقات ضجة سياسية؛ إذ طالب معارضون – بينهم بوبي واين (روبرت كيوغيناني) – بفتح تحقيقات رسمية ومساءلة الحكومة عن تقصيرها في حماية مواطنيها.
الضغوط كشفت ضعف آليات الرقابة والتعاون بين دول الإرسال والاستقبال.
أبعاد اقتصادية وسياسية
بحسب منظمات غير حكومية، غالباً ما تبدأ عمليات الاستدراج عبر إعلانات على وسائل التواصل أو مكاتب توظيف خاصة، بينما تشير الإحصاءات إلى مئات القضايا المبلغ عنها مقابل إدانات محدودة.
هذا التفاوت يعكس تردد السلطات الخليجية في مواجهة شبكات عابرة للحدود مدعومة بامتيازات اقتصادية.
استنتاجات
تحقيقات دولية مثل الـBBC وReuters تكشف وجود منظومة استغلال ممنهج في دبي لا يمكن تجاهلها.
ويؤكد خبراء أن ربط ملف حقوق الإنسان بالاتفاقات الاقتصادية هو مطلب ضروري للضغط على الحكومات الخليجية لملاحقة الشبكات المتورطة ومحاسبة المتواطئين، وضمان حماية أفضل للمهاجرين.