لم يكن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة من 21 نقطة لإنهاء حرب غزة سوى حلقة جديدة من مسرحية متكررة في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط.
صحيح أن ترامب بدا هذه المرة وكأنه يتخذ موقفاً مغايراً حين رفض ضم الضفة الغربية، لكن ما بين السطور يوحي بأن جوهر الخطة لا يخرج عن سياق "ضمان أمن إسرائيل" وإعادة إنتاج وصاية دولية على غزة، هذه المرة عبر أسماء مثيرة للجدل مثل توني بلير.
الدكتور جمال سند السويدي وصف الموقف الأميركي بأنه تحول دراماتيكي عن دعم ترامب السابق للاستيطان، لكنه لم يخفِ تساؤله الجوهري: هل نحن أمام سلام حقيقي أم مجرد تكتيك سياسي جديد يخدم إسرائيل في ثوب مختلف؟ هذا السؤال وحده يكشف حجم الريبة التي تكتنف ما يسمى بالخطة الأميركية.
رفض #ترامب القاطع لضم الضفة الغربية، وصفقة قريبة في غزة مع خطة أمريكية من 21 نقطة، لأن استمرار الحرب يجعل إسرائيل أكثر عُزلة على الساحة الدولية، يعد تحولاً دراماتيكياً عن دعمه السابق للاستيطان الإسرائيلي، فهل يمهّد لسلام حقيقي بغزة أم مجرد تكتيك جديد برعاية إسرائيلية؟
— Prof. Jamal Sanad Al-Suwaidi (@suwaidi_jamal) September 26, 2025
الأصوات العربية الرافضة لم تتأخر، فقد شدد ناصر بن حماد على رفض أي دور لتوني بلير، معتبراً تعيينه "صفعة للعرب وخيانة لدماء ضحاياه".
بلير الذي ارتبط اسمه بالحروب الكارثية في العراق والمنطقة، لا يمكن أن يُنظر إليه إلا كرمز لفشل السياسات الغربية، لا كمنقذ محتمل لغزة.
ارجو من حكومات العرب داعمة خطة ترامب رفض تعيين مجرم الحروب ضد العرب توني بلير من لعب اي دور في غزة . تعيين بلير صفعه للعرب وخيانة لدماء ضحايا حروبه من العرب
— N H M (@NasserIbnHamad) September 26, 2025
Washington backing plan for Tony Blair to head transitional Gaza authority | Gaza | The Guardian https://t.co/foF4pj9DFu
أما الكاتب الإماراتي محمد يوسف فقد عبّر عن حذر مبرّر، مؤكداً أن ترامب رجل متقلب، وكل ما يطرحه قابل للتغيير في أي لحظة.
وأشار إلى أن غياب إعلان رسمي مباشر من الرئيس الأميركي عن تفاصيل الخطة يزيد من الشكوك، خصوصاً أن كل ما يُنشر حتى الآن يعتمد على تسريبات منسوبة إلى مصادر "مقربة".
الأخطر أن أي لقاء بين ترامب ونتنياهو لم يسبق أن أسفر عن انفراجة، بل غالباً ما كان بوابة لموجة جديدة من الأزمات.
..ومع عدم الثقة لا نستطيع إلا الانتظار، ومعرفة النية من الرئيس ترامب نفسه، في خطاب رسمي، وتحت أنظار العالم، وليس عبر «قالت مصادر مقربة» أو «ذكر ثلاثة من أعضاء الوفود التي التقت بالرئيس»، أو «علمت أكسيوس» أو «قالت نيويورك تايمز».
— محمد يوسف (@writer_myousef) September 26, 2025
من مقال اليوم https://t.co/0py47GQguk
الكاتب هاني مسهور ذهب أبعد حين اعتبر أن الخطة قد تكون "فخاً استراتيجياً"، لكنه في الوقت نفسه حمّل العرب مسؤولية تاريخية في مواجهة معضلة حماس.
فترك غزة أسيرة لمعادلات إيرانية – إسرائيلية يعني استمرار الدم والفوضى، بينما المطلوب مبادرة عربية خالصة تنهي الانقسام وتعيد القرار الفلسطيني إلى أهله، بعيداً عن وصاية الخارج.
خطة ترامب قد تكون فخ استراتيجي، لكنها في الوقت نفسه تذكير بأن العرب أمام مسؤولية تاريخية بحلّ معضلة حماس سياسياً وعسكرياً، ترك غزة أسيرة لميليشيا مرتبطة بإيران يعني استمرار نزيف الدم والابتزاز.
— هاني مسهور (@hsom67) September 26, 2025
المطلوب ليس الارتهان لمشروع أميركي – إسرائيلي، بل صياغة مبادرة عربية خالصة تُنهي… https://t.co/M1lvbq6RBU
أما التفاعل الشعبي فجاء ممزوجاً بالسخرية، كما عبّر عنه حزب "تكنو قراط مصر" حين سخر من فكرة تعيين بلير حاكماً لغزة، في إشارة إلى استخفاف أميركي بالدم العربي وتجاهل الإرادة الفلسطينية.
افضل رد على مقترح #ترامب بأن يتولى توني بلير حكم غزة...
— حزب تكنوقراط مصر (@egy_technocrats) September 26, 2025
أبوسمير" يعلق بسخرية على خطة #أمريكا لتنصيب #توني_بلير حاكماً لقطاع #غزة pic.twitter.com/tMKUO5HDbR
في المقابل، لم يخلُ المشهد من أصوات متفائلة مثل المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الذي قال إن واشنطن واثقة من تحقيق "اختراق قريب"، لكن هذه النبرة المتفائلة لا تكفي لمحو الخشية من أن تتحول الخطة إلى غطاء جديد لمصادرة القرار الفلسطيني وتعميق التبعية السياسية.
المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف قال في مؤتمر “كونكورديا” في نيويورك يوم الأربعاء إن ترامب عرض على قادة المنطقة “خطة من 21 نقطة للسلام في الشرق الأوسط”
— Tamer | تامر (@tamerqdh) September 24, 2025
وأضاف ويتكوف: “نحن متفائلون – بل قد أقول واثقون – من أننا في الأيام المقبلة سنتمكن من الإعلان عن نوع من الاختراق” pic.twitter.com/JKaYVaLoPo
الخلاصة
ما يُطرح اليوم لا يبدو أنه يحمل جديداً جوهرياً، سوى إعادة تدوير الأفكار القديمة نفسها، بوجوه فقدت مصداقيتها.
أما الحديث عن "سلام شامل" فلا يزال رهينة موازين القوى الأميركية – الإسرائيلية، لا الإرادة العربية ولا الحقوق الفلسطينية.