في حلقة جديدة من برنامج (أيام الله) على قناة الجزيرة مباشر، تناول الدكتور عبد السلام المجيدي، أستاذ التفسير بكلية الشريعة في جامعة قطر، مفهوم الرباط في سبيل الله وصوره المعاصرة، مؤكدا أن معناه أوسع بكثير من مجرد الوقوف على الثغور العسكرية.

وأوضح المجيدي أن الرباط في معناه الأصلي يعني حراسة الثغور التي يتسلل منها العدو بهدف السيطرة أو الإضرار بالمجتمع.

واستشهد المجيدي بأحاديث نبوية وردت في الصحيحين تؤكد عظم أجر الرباط في سبيل الله، منها أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: “رِبَاطُ يَومٍ في سَبيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما عَلَيْهَا، ومَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما عَلَيْهَا، والرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ في سَبيلِ اللَّهِ، أَوِ الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما عَلَيْهَا”، (رواه البخاري).

وأشار المجيدي إلى أن الرباط في العصور الأولى كان مرتبطا بالحدود وأماكن التماس مع العدو، لكنه في عصرنا الحديث اتسع ليشمل ثغورا أخرى لا تقل خطورة. فالمعركة اليوم لم تعد عسكرية فقط، بل إعلامية وفكرية وأمنية وتعليمية.

 

 

أبرز صور الرباط اليوم

وبين المجيدي أن من أبرز صور الرباط اليوم:

  • الثغور الإعلامية: التي وصفها بأنها “من أعظم الثغور” لما للإعلام من قوة وتأثير باعتباره السلطة الرابعة، مشددا على ضرورة أن يتصدرها من يمتلك الفكر الراسخ إلى جانب المهارة الإعلامية.

 

  • الثغور الأمنية: مثل الجمارك التي تحمي المجتمعات من المخدرات، معتبرا أن من يعمل فيها بنية صادقة لحماية الناس فهو في رباط شرعي.

 

  • الثغور التعليمية: التي اعتبرها أخطر الثغور على الإطلاق، مستشهدا بقول الله عز وجل: “لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة” ( سورة آل عمران: 164)، مؤكدا أن التعليم والتربية من أهم مجالات المرابطة لحماية هوية الأمة.

كما تحدث المجيدي عن نماذج من الصحابة حرصوا على نيل أجر الرباط، مثل أبي هريرة رضي الله عنه الذي كان يقف حارسًا بعد انتهاء المعارك ليؤمن انسحاب المسلمين، فعن أبي هريرة أنه كان في الرباط ففزعوا إلى الساحل، ثم قيل: لا بأس، فانصرف الناس وأبو هريرة واقف، فمر به إنسان، فقال: ما يوقفك يا أبا هريرة؟ فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود”، أخرجه ابن حبان وصححه الألباني.

وختم المجيدي بأن الرباط مفهوم شامل، يتجدد بتجدد التحديات التي تواجه الأمة، داعيًا العاملين في الإعلام والتعليم والأمن والجمارك إلى استحضار نية المرابطة، ليكونوا بذلك في عبادة عظيمة وأجر متواصل، مؤكدا أن حماية الهوية الإسلامية والمجتمعات المسلمة هي أعظم صور الرباط في عصرنا الحديث.