كشف مركز الإحصاء الحكومي الإسرائيلي، في تقرير رسمي صدر بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة، أن نحو 79 ألف إسرائيلي غادروا البلاد خلال عام 2024، وهو رقم يعكس حجم القلق المتزايد والانعدام المتنامي للشعور بالأمان بين الإسرائيليين، في ظل الحرب المستمرة على غزة، والتوتر الإقليمي مع إيران ولبنان واليمن وسوريا، والانقسامات الداخلية التي تضرب المجتمع الإسرائيلي.

وأوضح التقرير أن عدد سكان إسرائيل قُدّر بنحو 10 ملايين و148 ألف نسمة، بينهم حوالي 7 ملايين و758 ألف يهودي بنسبة 78.5%، وأكثر من 2 مليون و130 ألف عربي بنسبة 21.5%، إلى جانب 260 ألف أجنبي، مشيراً إلى أن هذا الإحصاء يشمل نحو 400 ألف فلسطيني في القدس الشرقية المحتلة منذ عام 1967 والتي ضمتها إسرائيل بصورة غير قانونية عام 1980.

ورغم ولادة نحو 179 ألف طفل ووفاة ما يقارب 50 ألف شخص خلال العام الماضي، فإن نسبة النمو السكاني لم تتجاوز 1% فقط، وهي من أدنى المعدلات التي سُجلت في السنوات الأخيرة.
 

هجرة معاكسة وتحول لافت
أوضح مكتب الإحصاء أن نحو 25 ألف مهاجر جديد وصلوا إلى إسرائيل العام الماضي، إلى جانب 5 آلاف مهاجر ضمن برامج لمّ الشمل، بينما عاد حوالي 21 ألف إسرائيلي كانوا قد هاجروا سابقاً. لكن في المقابل، غادر 79 ألفاً، أي أكثر من ثلاثة أضعاف عدد العائدين، ما يعكس ظاهرة تحوّل إسرائيل إلى بيئة طاردة للسكان، خلافاً للرواية الرسمية التي طالما سعت لترويجها بأنها "أرض جذب" للمهاجرين اليهود.

وبالمقارنة، سجّل عام 2023 مغادرة حوالي 55 ألفاً و300 إسرائيلي، مقابل عودة أو قدوم نحو 27 ألفاً فقط، ما يؤكد أن اتجاه الهجرة المعاكسة في تصاعد مطّرد.
 

حرب وأزمات مركبة
تأتي هذه المعطيات في ظل ظروف وصفتها وسائل الإعلام العبرية بـ"الاستثنائية وغير المسبوقة"، حيث تخوض إسرائيل حرب إبادة دامية على قطاع غزة منذ أكثر من 700 يوم، أسفرت عن استشهاد مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، بالتوازي مع توسّع العمليات العسكرية في الضفة الغربية.

كما شنّت إسرائيل حرباً قصيرة على إيران في يونيو 2024، وواصلت غاراتها الجوية على لبنان وسوريا واليمن، فضلاً عن محاولة فاشلة لاغتيال قادة من حركة "حماس" في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع الماضي. هذه الحروب، إلى جانب الأزمة الاقتصادية الخانقة والانقسام السياسي العميق داخل الكيان، أسهمت جميعها في تعزيز نزعة الهجرة لدى الإسرائيليين، الذين باتوا يرون أن اسرائيل لم تعد مكاناً آمناً للاستقرار.