في 14 سبتمبر 2025، أعلنت الإدارة العامة للمرور عبر بوابة «لوحتك» الإلكترونية عن طرح لوحة مرور مميزة جدًا بعنوان «عقل 1» في مزاد علني حيث سكون السعر الابتدائي للمزاد كان 425 ألف جنيه، مع ارتفاع المناقصة، وصل أعلى عرض حتى الآن إلى 850 ألف جنيه تقريبًا، ويُفترَض أن المُزايدة تنتهي في 17 سبتمبر 2025 بحسب الإعلان، ومن المتوقع بانتهاء الفترة المحددة أن يتعدى المليون جنيه
ردود الفعل الساخطة والساخرة: كيف وصل السفه إلى هذا الحدّ؟
 

التفاهة المفعّلة
لوحة صغيرة، مُعدَّنية، يُكتب عليها «عقل 1»، تُحوّل إلى سلعة فاخرة تُباع بأكثر من ما ينفقه الفقير سنويًا على الطعام والتعليم أو حتى علاج محتاج. إنفاق ما يقارب مليون جنيه على مجرد لوحة مرور ــ أي ذهاب العقل بالمال حرفياً ــ يُعَدُّ سخرية من واقع يعاني فيه كثير من الناس: كهرباء تُقطع، دواء شبه مفقود، فقر يتوسد الحارة.
 

البذخ الذي لا يشعر به الأغنياء
أغنياء السيسي، كما يصفهم البعض، يلهون بالأرقام الكبيرة، يقتنون اللوحات المميزة كأنها ميداليات، بينما المواطن العادي يُطالب بصبرٍ ومزيد من التضحية. خطاب الدولة الرسمي: "الإصلاح الصعب، تقليل الدعم، الصبر"، أما على أرض الواقع: من يستطيع يُظهر تميزه بشراء رمز رقمي يحسب على أنه مركز اجتماعي. إنّها المزاد على الوجاهة لا على المنفعة.
 

السخرية الشعبية
الناس على مواقع التواصل يتندرون:

  • "لوحة عقل1 وهذا الشخص فاكر عقله فين؟"
  • "يعني أحد يدفع 850 ألف جنيه عشان يقول: عندي عقل؟ أهو العقل برقم."
  • "أفضل لوفلوس المزاد تنفع مستشفى أو مدرسة في حي من الأحياء المنسية."

هذا المزاد ليس فقط ترفاً، بل تحقيرٌ لنزف الفقر والمعاناة اليومية.
 

الفجوة السياسية والأخلاقية
بينما تُطالب الحكومة المواطن بـ «التحمّل»، وتُجمَّع له الضرائب والزيادات، نجد إدارة المرور تبيع مظهر الترف "عقل 1" لمن يدفع الثمن. الوزير الذي يدير هذا كله، محمد عبد اللطيف، يتحمل المسؤولية في أن يكون جزءاً من منظومة المقايضة: ثمرة الدعاية مقابل إرضاء فئة ثرية مقابل قطع من الفقير أو تجويعه.

ليس فقط السفر البعيد من الواقع، بل المشاركة الفعلية في صناعة إحساس بأن الدولة ملكٌ لمن يملك المال، ليس لمن يحتاج الكرامة.
 

ما بين المبلغ والحاجة
كم من مستشفى أو مرفق صحي أو مدرسة بخاصة كان يمكن بناءها بالمبلغ الذي يُنزِف في مزاد لوحة؟
كم أسرة تعيش في الجوع أو بدون ماء أو دواء تعلم أن هناك من يشتري "لوحة عقل" وكأن العقل يُباع ويُشترى؟

والخلاصة فإن لوحة "عقل1" ليست مجرد لوحة. إنها رمز لـ:

  • غياب التوازن بين الإعلان عن إصلاح وبين الواقع الفجائي الذي يقلل من قيم المواطن إذا لم يدفع.
  • ثقافة تُقدَّر المال فوق المعاناة، والمظهر فوق المحتوى.
  • مسؤولين يسمحون بأن يُوجَّه السخط الشعبي نحو التفاهات، بينما تُبحث الأولويات ويوضع العبء على كاهل الفقراء.

وإذا استمرت هذه المزادات كمجرد ألعاب ترفيهية للثراء، فستبيت الدولة في النهاية وقد باعت الكثير من كرامة من هم تحت.
العقل الحقيقي لا يُباع، لكن من يجعل من لوحة أو اسم "عقل1" سلعة يبني حرباً صامتة ضد المواطن الفقير وربما ضد وطنية الاحتياج نفسه.