شهدت قضية اتهام معلمة بمدرسة لغات ابتدائية بمجمع الألومنيوم في نجع حمادي بمحافظة قنا، بإحداث عاهة مستديمة لتلميذ بالصف الأول الابتدائي، تطورات لافتة خلال الساعات الماضية، بعد أن قررت النيابة العامة استعجال تقرير مصلحة الطب الشرعي، في واقعة أثارت غضبًا واسعًا بين أولياء الأمور وأعادت فتح ملف العنف داخل المدارس.
وقررت النيابة العامة بنجع حمادي إخلاء سبيل المعلمة المتهمة في القضية رقم 10281 لسنة 2025 إداري نجع حمادي، على ذمة التحقيقات، مع استمرار حبس القضية لحين ورود التقرير الطبي النهائي، الذي من شأنه تحديد المسؤولية الجنائية بدقة، خاصة في ظل اتهامها بالتسبب في فقدان التلميذ لعينه اليمنى، وهي الإصابة التي تُصنف قانونًا كـ«عاهة مستديمة».
وتعود أحداث القضية إلى أواخر شهر نوفمبر الماضي، عندما تلقى والد التلميذ اتصالًا هاتفيًا من أحد العاملين بالمدرسة، يفيد بتعرض نجله لإصابة ووجوده بمستشفى الألومنيوم، مع الإشارة إلى أن الأمر لا يتجاوز «جرحًا بسيطًا» أثناء اليوم الدراسي، إلا أن الصدمة كانت في انتظار الأب فور وصوله إلى المستشفى، حيث اكتشف أن إصابة نجله بالغة الخطورة وتستدعي تدخلاً طبيًا عاجلًا.
وبحسب أقوال الأب، أخبره نجله بأن إحدى المعلمات اعتدت عليه بالضرب أثناء مرورها بين الفصول، مستخدمة قطعة خشبية مثبت بها مسمار، ما أدى إلى اختراق عينه اليمنى، أثناء وجوده في أحد ممرات المدرسة.
وسارع الأب بنقل نجله إلى مستشفى سوهاج الجامعي، للاطمئنان على حالته الصحية، حيث كشف التقرير الطبي الصادر عن المستشفى، عن إصابة الطفل بـ«انفجار مفرغ بالكامل بمقلة العين اليمنى على هيئة جرح قطعي بالقرنية»، في توصيف طبي يؤكد جسامة الإصابة واستحالة تعافي العين المصابة.
اتهامات بمحاولات طمس الحقيقة
وفي شهادة لوالد أحد زملاء الطفل المصاب، أشار إلى أن عددًا من المدرسين والمدرسات طلبوا من التلاميذ إنكار واقعة الاعتداء حال سؤالهم، قائلين لهم: «لو حد سألكوا قولوا محدش ضربه»، وهو ما أثار مخاوف أولياء الأمور ودفع بعضهم إلى الامتناع عن إرسال أبنائهم إلى المدرسة لمدة تقارب أسبوعًا كاملًا، خشية تعرضهم لأذى مماثل.
فيما تقدم والد الطفل ببلاغ رسمي إلى قسم الشرطة، أحيلت على إثره المعلمة إلى النيابة العامة، التي باشرت التحقيق معها مطلع ديسمبر الجاري. وخلال التحقيقات، أنكرت المتهمة علاقتها بالواقعة جملة وتفصيلًا، فيما دعمت إحدى زميلاتها روايتها، مؤكدة أن المتهمة كانت متواجدة معها داخل غرفة المدرسين وقت حدوث الإصابة، خلال الحصة الرابعة.
وبناءً على تلك الأقوال، قررت النيابة إخلاء سبيل المعلمة بكفالة مالية قدرها ألفا جنيه، مع استمرار التحقيقات، ووجهت بتفريغ كاميرات المراقبة بمحيط المدرسة، للتحقق من صحة ادعاءات الدفاع، خاصة ما يتعلق بتوقيت وجود الشاهدة داخل المدرسة.
وفي 17 ديسمبر الجاري، اطلعت النيابة على تسجيلات كاميرات المراقبة، التي كشفت مفاجأة مهمة، حيث تبين خروج المعلمة الشاهدة من المدرسة قبل الساعة العاشرة صباحًا، وهو ما يتناقض مع أقوالها السابقة. وخلال جلسة التحقيق الأخيرة، أقرت الشاهدة بصحة ما ورد في التسجيلات.
كما قامت النيابة بعرض ثلاث معلمات على الطفل المصاب، فتمكن من تحديد المعلمة المتهمة، مشيرًا إليها باعتبارها من اعتدت عليه وتسببت في إصابته.
وفي ضوء تلك المستجدات، قررت النيابة العامة استعجال تقرير الطب الشرعي للفصل في طبيعة الإصابة وسببها المباشر، تمهيدًا لتحديد التكييف القانوني النهائي للواقعة، وما إذا كانت تشكل جريمة إحداث عاهة مستديمة عمدًا.

