شهدت الأيام الماضية تطورًا مثيرًا في مشروع حفر نفق مترو الأنفاق الجديد الذي يربط بين محطتي المتحف المصري الكبير والرماية بالجيزة، وذلك بعد أن خرجت هيئة الأنفاق باتهامات مباشرة لمالك فندق سوفيتل وشركتي المقاولات الكبريين عثمان أحمد عثمان وحسن علام، متهمة إياهم بالإهمال والاعتداء على المسار المخصص لأعمال الحفر، مما أدى إلى تعطيل جزئي للمشروع الاستراتيجي.
 

خلفية المشروع
يُعد الخط الجديد جزءًا من المرحلة الرابعة لمترو الأنفاق، وهو مشروع ضخم يهدف إلى ربط منطقة المتحف المصري الكبير بالرماية والمناطق المحيطة بها، بهدف تسهيل وصول السياح والمواطنين إلى المتحف الأكبر في العالم، ودعم البنية التحتية لقطاع السياحة.
المشروع، الذي يتكلف مليارات الجنيهات، يُنظر إليه كواحد من أهم المشروعات القومية في قطاع النقل خلال السنوات الأخيرة، لكونه يخدم مناطق استراتيجية مثل الأهرامات والمتحف الكبير.
 

تفاصيل الأزمة
بحسب بيان هيئة الأنفاق، فإن شركات المقاولات المنفذة لأعمال توسعة وتطوير بعض المباني والفنادق القريبة من خط النفق، وعلى رأسها فندق سوفيتل بالجيزة، قامت بأعمال إنشائية اعتبرت الهيئة أنها تمثل تعديًا مباشرًا على المسار المقرر للحفر.
وأضافت الهيئة أن تلك الأعمال أدت إلى تغيير في التربة وعرقلة لعمل ماكينات الحفر العملاقة (TBM)، وهو ما تسبب في توقف العمل أكثر من مرة.

وأكدت مصادر داخل الهيئة أن فرقًا فنية اكتشفت وجود مخالفات في خرائط التنفيذ المقدمة من بعض المقاولين، مشيرة إلى أن هذا الأمر عرض المشروع لخطر الانهيارات الجزئية وأعاق الجدول الزمني المخطط له.
 

ردود الأطراف المعنية
حتى الآن، لم يصدر رد رسمي من إدارة فندق سوفيتل بشأن الاتهامات المباشرة، بينما أشارت مصادر مقربة من شركة عثمان أحمد عثمان إلى أن الشركة تعمل وفق التراخيص القانونية ولا تتحمل مسؤولية أي خطأ في مسار النفق، معتبرة أن الخلل قد يكون ناجمًا عن سوء تنسيق بين الجهات الحكومية.

في المقابل، أوضح مصدر داخل شركة حسن علام أن الشركة التزمت بجميع المعايير الفنية، وأنها على استعداد للتعاون الكامل مع هيئة الأنفاق لتجاوز الأزمة، مشددًا على أن المشروع قومي ويجب أن يُدار بمنهج تشاركي لا بالاتهامات المتبادلة.
 

التداعيات المحتملة
أثار توقف العمل مؤقتًا مخاوف من تأجيل افتتاح النفق، وهو ما قد ينعكس سلبًا على خطة الدولة للترويج للمتحف المصري الكبير كمركز جذب سياحي عالمي.
فالنفق يمثل شريانًا رئيسيًا لنقل الزوار من وسط القاهرة إلى المتحف والأهرامات في وقت قصير وبأمان، وتعطيله يعني تعطيل أحد أهم المشاريع السياحية والاقتصادية في البلاد.

كما أشار خبراء في مجال النقل إلى أن أي نزاع بين هيئة الأنفاق والقطاع الخاص حول المسؤوليات سيؤدي إلى تأخير إضافي في إنجاز المشروع، وربما زيادة التكلفة الإجمالية نتيجة الحاجة إلى إصلاح الأضرار الفنية أو إعادة توجيه بعض المسارات.
 

دعوات للتسوية
على ضوء هذه التطورات، طالب عدد من أعضاء البرلمان بضرورة عقد اجتماع عاجل يضم هيئة الأنفاق، والشركات المتهمة، ووزارة النقل، لحل الأزمة قبل تفاقمها.
كما شدد بعض المراقبين على أهمية اعتماد نظام رقابة صارم على المشاريع المشتركة بين الدولة والقطاع الخاص، منعًا لتكرار مثل هذه الأزمات التي تهدد المشروعات القومية.

وفي النهاية فإن أزمة نفق مترو الأنفاق بين المتحف المصري والرماية تكشف عن حجم التحديات التي تواجه مشاريع البنية التحتية الكبرى في مصر، حيث تتقاطع مصالح الدولة والقطاع الخاص في مساحة واحدة، ما يجعل التنسيق الدقيق والالتزام بالمعايير الفنية ضرورة قصوى.

وبينما تصر هيئة الأنفاق على تحميل الشركات والفنادق المسؤولية عن الاعتداء على المسار، يرفض الطرف الآخر الاتهامات، ما يضع المشروع أمام اختبار حقيقي: إما حسم الخلاف سريعًا وإنقاذ الجدول الزمني، أو مواجهة تعثر جديد يضر بسمعة واحد من أبرز مشاريع النقل والسياحة في مصر.