عند رصيف ميناء برشلونة، حيث اجتمع البحر مع صخب الحشود الملوّحة بالأعلام الفلسطينية، ظهر المخرج المصري باسل رمسيس ممثلًا لمصر في قافلة أسطول الصمود العالمي المتجه إلى غزة.
لم يحمل هذه المرة كاميرته التي طالما وثّق بها المأساة الفلسطينية، بل حقيبة صغيرة وحلمًا أثقل من البحر نفسه: فتح ممر إنساني إلى غزة، وكسر حصار طال أمده حتى صار شاهدًا على عجز البشرية.
 

حلم الطفولة بين الأمواج
منذ صغره حلم رمسيس بأن يصبح قبطانًا، لكن القدر ساقه إلى السينما والكلمة، لتظل القوارب تسكن وجدانه. واليوم، وهو على متن القارب "يولارا"، يعيش مفارقة مرة: حلمه قد تحقق لكن في شكل مختلف، إذ صار القارب ذاته سجنًا محتملًا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. يقول رمسيس: "لسنا ذاهبين لنشكّل عبئًا على الفلسطينيين، بل لنؤكد للعالم أن غزة ليست وحدها".
 

قافلة تحمل قلوب الملايين
ما بين 35 و40 ألف إنسان من مختلف القارات تقدموا بطلب المشاركة، لكن المقاعد لم تتسع سوى لـ300 متطوع، تم اختيارهم بعناية ليمثلوا أصوات عشرات الآلاف. بالنسبة لرمسيس، فإن هذا الزخم الإنساني يثبت أن التضامن لا يُبنى على الدم أو الدين، بل على القرار الحر للإنسان.
 

رسائل ضد النسيان
يرى رمسيس أن ما يرسله من البحر ليس حكايات شاعرية، بل شهادات دامغة ضد النسيان: عن المجاعة في غزة، عن الدم والإبادة والحصار. كتب على صفحته: "إنها رسائل ضد النسيان، تقول إن العالم لا يجوز أن يتواطأ مع الفاشية الجديدة".
 

استعداد للمواجهة
لم تكن الرحلة مجرد إبحار، بل خضع المشاركون لدورات تدريبية لمواجهة احتمالات الاعتقال أو الهجوم الإسرائيلي، وتلقوا إرشادات حول النضال السلمي والتواصل مع منظمات حقوقية. القاعة التي احتضنت تلك التدريبات هي نفسها التي احتضنت متطوعي "الفوج الدولي" ضد الفاشية الإسبانية في ثلاثينيات القرن الماضي، وكأن التاريخ يعيد نفسه لكن باتجاه غزة.
 

مصر الغائبة والحضور الرمزي
يقول رمسيس: "مصر أكثر الدول قدرة على وقف الإبادة لكنها غابت.. وأنا هنا لأقول إن هناك مصريًا واحدًا على الأقل على متن الأسطول". بالنسبة له، مشاركته ليست مجرد تضامن إنساني بل واجب وطني وأخلاقي، يذكّر بأن فلسطين لم تغب يومًا عن الضمير المصري.
 

بين الأمل والمواجهة
الأسطول ليس مجرد قوارب تحمل مساعدات، بل اختبار أخلاقي للعالم. فإذا وصل بسلام، فسيكون بداية لقوافل أخرى. وإن تعرض للهجوم، فسيتكشف الوجه الحقيقي لإسرائيل أمام العالم. رمسيس يعلق: "الخوف لا يجب أن يشلّنا، فإن استسلمنا له، نكون قد سلّمنا العالم للفاشية".
 

رسائل وصلت قبل الوصول
بينما تمخر القوارب البحر الأبيض المتوسط، يظل الأفق غامضًا: هل ستصل القافلة إلى غزة أم تتكسر على صخرة الاحتلال؟ لكن رمسيس يرى أن الرسائل قد وصلت بالفعل؛ في صور المحتشدين ببرشلونة، في كلمات المتطوعين الذين تركوا عائلاتهم، وفي قلوب عشرات الآلاف ممن لم يستطيعوا الصعود.

https://www.facebook.com/basel.ramsis/posts/pfbid02vELjrFuMLzpDFVTwa4otSUxdpqJfMC1LFd8u27Lmn6ruKqw9RAWjEgGZio7WQj28l?ref=embed_post