في 4 سبتمبر 2025 قدّم مفوّض وكالة الأونروا، فيليب لازاريني، أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة رقماً صارخاً: المساهمات المالية من الدول العربية شكّلت هذا العام حوالى 3 % فقط من إجمالي إيرادات الوكالة، ما يمثل تراجعًا يزيد على 90 % مقارنة بالسنة السابقة، ونداءً عاجلاً لرفع التمويل لحماية خدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين.

هذا التراجع المالي يعكس حالة من الإهمال والتراجع في التضامن العربي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تعد من أهم القضايا الإنسانية في المنطقة.

وأوضح مفوض عام الأونروا في عدة مناسبات أن هذا الانخفاض في الدعم المالي من الدول العربية يشكل تهديداً مباشراً لإستمرارية تقديم الخدمات والإغاثة الإنسانية في المناطق التي تعاني من نزاعات مستمرة مثل قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن.
 

الأونروا ودورها الإنساني الحيوي
منذ تأسيسها عام 1949، تقدم الأونروا خدمات حيوية للاجئين الفلسطينيين تضم التعليم، الصحة، الإغاثة، والتشغيل في عدة دول عربية تواجه أزمات إنسانية معقدة، وخاصة في قطاع غزة الذي يعاني من آثار حرب مستمرة، حيث يبلغ عدد اللاجئين الذين تعتمد عليهم الوكالة ملايين، فهم بحاجة مستمرة للمساعدة.

في ظل التحديات المتزايدة، لم تستطع الوكالة تجاوز تحديات تراجع التمويل، ما أدى إلى تقليص كبير في عدد نقاط توزيع المساعدات، مع القوة الإسرائيلية والضغوط الإقليمية تلعب دوراً في تعقيد الوضع، حيث تقليص نقاط التوزيع إلى 3 أو 4 فقط في غزة، وتجميع آلاف اللاجئين في نقاط قليلة تحت ظروف قاسية، مما تسبب فيما وصفه المسؤولون بـ"هدر للموارد وإلهاء عن الفظائع".
 

التداعيات السياسية والدبلوماسية
ازداد الضغط على الدول العربية لتوضح مواقفها السياسية والمالية تجاه الأونروا، فقد أدان العديد من المسؤولين والسياسيين الدوليين استمرار تراجع الدعم العربي، حيث يرون ذلك كخروج عن واجب التضامن العربي الفلسطيني.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة ومراقبون إن الدعم العربي للأونروا يجب أن يكون ركيزة أساسية، ليس فقط دعماً مالياً بل وحشد الدعم السياسي للدفاع عن حقوق اللاجئين.

من جانب اقتصادي، تشير التقارير إلى أن أزمة التمويل قد تدفع الوكالة إلى تقليص برامجها الحيوية، ما يزيد الوضع الإنساني سوءاً، ويهدد استقرار المنطقة بتفاقم أزمات اللاجئين.
 

الإحصاءات الاقتصادية والمالية

  • مساهمات الدول العربية تشكل فقط 3% من إجمالي دخل الأونروا عام 2025.
  • انخفاض يزيد على 90% في المساهمات العربية مقارنة بالعام السابق.
  • فقدان 310 موظفين من أصل 12 ألف موظف في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 بسبب النزاعات والظروف الميدانية الصعبة.
  • المساعدات توزع الآن في 3 إلى 4 نقاط فقط بدلاً من 400 نقطة في قطاع غزة، مما أجبر الآلاف على النزوح.

 

تصريحات بارزة
المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني وصف نظام توزيع المساعدات الجديد في غزة بأنه "هدر للموارد وإلهاء عن الفظائع التي ترتكب" في القطاع.

العديد من المراقبين والسياسيين الدوليين من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان انتقدوا بشكل واضح المسؤولية العربية في تراجع الدعم، داعين إلى إعادة تقييم الاستراتيجية العربية تجاه القضية الفلسطينية
 

الجامعة العربية.. كلام أم أموال؟
الاجتماعات العربية أعادت التأكيد على التضامن السياسي ودعت إلى آليات مثل صندوق عربي للتعافي، لكن حتى الآن تبدو التصريحات أقوى من التحويلات النقدية.

مفوّض الأونروا كرر نداءه أمام وزراء الخارجية؛ الكلمات يجب أن تُترجم إلى دعم مالي فوري كيلا تنهار خدمات أساسية.

هذا الانفصال بين اللفظ والفعل هو ما يستغله المنتقدون للحكومات العربية وعلى رأسها القاهرة في تقويم سياساتها الخارجية.
 

الاستنتاج
إن تراجع مساهمات الدول العربية في دعم الأونروا لمس قضية إنسانية بالغة الحساسية، ما يفرض مراجعة عاجلة للأولويات العربية حول دعم اللاجئين الفلسطينيين.

إن استمرار هذا التراجع لا يضر فقط باللاجئين، بل يهدد السلام والاستقرار الإقليمي، ويفتح المجال أمام تداعيات سياسية وأمنية لا يمكن السيطرة عليها بسهولة.

لذلك، فإن الدعوات المستمرة من مفوض الأونروا والمسؤولين الدوليين هي نداء لتحرك عربي جدي وفعّال لدعم وكالة الأمم المتحدة وإعادة التضامن مع قضية لاجئين يعانون من أزمات معيشية وإنسانية متفاقمة.