في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الصهيوني حرب الإبادة على قطاع غزة، وفي ظل حصار خانق يتجاوز كل حدود الإنسانية، تتعالى أصوات شعبية تدعو بحارة مصر وصياديها في دمياط وبورسعيد والإسكندرية والسويس، وسائر السواحل المصرية، إلى الانضمام لأسطول الصمود المتجه إلى غزة.
هذه الدعوات لم تأتِ عبثًا، بل جاءت كردّ مباشر على صمت السلطة المصرية وتواطئها، بعد أن تحولت الدولة من موقع القيادة التاريخية في نصرة فلسطين، إلى شريك ضمني في حصارها.
الحقوقي عزالدين ديفيدار أطلق نداءً حارًا قائلاً:
"نداء لبحارة مصر، صيادي دمياط وبورسعيد والإسكندرية والسويس وكل الساحل المصري، وأصحاب اليخوت والقوارب... لم يفت الوقت بعد. بحارة إيطاليا وإسبانيا وتونس ليسوا أولى ولا أقرب منكم لغزة.
تقدرون الآن أن تستعدوا، تتحركوا، وتلتحقوا بأسطول الصمود بمجرد وصوله قبالة السواحل المصرية. لا تنتظروا إذن أحد، ولا موافقة أحد. مشاركتكم ستصعّب المهمة على الاحتلال، وستكون نقطة بيضاء في دنياكم وأخراكم. اتحركوا نيابة عن شعب مصر كله."
وأضاف في دعوته: "نرجو من القادرين من أصحاب الأموال أن يستأجروا القوارب والسفن، ويكفلوها ماديًا لتمكينها من المشاركة في الأسطول."
نداء لبحارة مصر ، صيادين دمياط وبورسعيد واسكندرية والسويس وكل الساحل المصري ، وأصحاب اليخوت والقوارب ... مفاتش وقت المشاركة ، بحارة إيطاليا وأسبانيا وتونس مش أولى ولا أقرب منكم لغزة.
تقدروا الآن تستعدوا وتتحركوا وتشاركوا في اسطول الصمود وتلتحقوا بيه مجرد ما يوصل قبالة سواحل مصر.…
— Ezzeldeen Devidar (@ezzeldendevidar) September 5, 2025
أسطول الصمود.. مبادرة تكشف خيانة الصمت
بدأت إرهاصات "أسطول الصمود" بمشاركة قوارب وسفن من إيطاليا وإسبانيا وتونس، في محاولة لكسر الحصار البحري، وإيصال رسالة تضامن إنساني مع غزة.
لكن المشهد الأكثر صدمة أن هذه المبادرة لم تخرج من القاهرة، الأقرب جغرافيًا، والأكثر تاريخًا في الصراع، بل خرجت من ضفاف المتوسط الأوروبية.
هنا يتكشف العار: بحارة الغرب يتحركون، بينما يُترك بحارة مصر أسرى صمت رسمي يخشى الاحتلال أكثر مما يخشى حساب التاريخ.
صمت السيسي... شراكة في الجريمة
منذ السابع من أكتوبر، تعامل نظام عبد الفتاح السيسي مع مأساة غزة ببرود مفضوح. بيانات باهتة عن "الحل السياسي" و"المساعدات الإنسانية" لم تُخفِ حقيقة أن القاهرة تحوّلت إلى بوابة خلفية لضبط أنفاس القطاع تحت الطلب الصهيوني.
لم يُفتح معبر رفح كما يجب، ولم يُطلق يد الشعب المصري لنجدة أشقائه.
واليوم، مع اقتراب أسطول الصمود، يتضح أن هذا الصمت ليس ترددًا، بل سياسة ممنهجة تحافظ على موقع الجيش المصري في اقتصاد الحصار، وعلى علاقات النظام مع الكيان الصهيوني والغرب.
دعوة مفتوحة إلى بحارة مصر
في مواجهة هذا الصمت الرسمي، انطلقت دعوة واضحة: لا تنتظروا إذنًا، ولا ترخيصًا، ولا غطاءً من جهة متواطئة.
صيادو دمياط، وبورسعيد، والإسكندرية، والسويس، وأصحاب اليخوت والقوارب، أنتم خط الدفاع الشعبي الطبيعي عن غزة.
أنتم الأقرب جغرافيًا، والأقدر بحريًا، على مضاعفة عدد القوارب المشاركة، وتحويل الأسطول من مبادرة رمزية إلى تحدٍّ فعلي يعقّد حسابات الاحتلال.
كسر العار الشعبي
النداء لا يتوقف عند حدّ السياسة، بل يخاطب الضمير:
"وقوفكم مع أسطول الصمود سيحميه، وسيمحو عنكم عار العجز والخزي."
فالمطلوب ليس حمل سلاح، بل إثبات أن مصر لا تزال حيّة، وأن شعبها لم يُستلب بالكامل لصالح سلطة تحاصر غزة بخطابها، وتصادر الضمير بخوفها.
الأثرياء ورجال الأعمال.. الدور المنتظر
النداء شمل أيضًا الأثرياء، مُطالبًا إياهم باستئجار السفن والقوارب، وتمويل مشاركتها.
هذه الدعوة تفضح خواء "الوطنية الرسمية" التي يلوكها إعلام النظام، وتؤكد أن الفعل الحقيقي يصدر من الشعب، لا من الدولة المتخاذلة.
لماذا يمنع النظام هذا التحرك؟
لأن تحركًا شعبيًا بهذا الحجم يفضح النظام.
يبين أن الشعب أكثر شرفًا من السلطة، وأن الضمير الشعبي لا يزال يسبق بيانات الخارجية و"توتر" الجيش.
السماح بهذه المبادرة قد يشعل موجة تضامن أوسع، وربما يتحول إلى احتجاج سياسي ضد النظام ذاته. ولهذا يبقى الحصار قائمًا، ليس فقط على غزة، بل على المصريين أنفسهم.
ساعة الاختبار... والبحر ينتظر أبناءه
اللحظة الراهنة تمثل اختبارًا أخلاقيًا وتاريخيًا للشارع المصري.
بحارة إيطاليا، إسبانيا، وتونس، تحركوا فعلًا. فهل يتحرك بحارة مصر؟
هل يكسرون جدار الخوف الذي بناه السيسي، ويلتحقون بالأسطول؟
هل يكتبون سطرًا جديدًا في تاريخ الكرامة المصرية؟
الصمت الرسمي لن يُغفر، لكنه قد يُكسر بالفعل الشعبي.
المشاركة المصرية في الأسطول لن تحمي غزة فقط، بل ستحرر مصر من عار التواطؤ المفروض عليها؛ فالفرصة لا تزال قائمة، والبحر لا يزال في انتظار أبنائه.