أعلنت 258 وسيلة إعلامية من 50 دولة حول العالم تعطيل صفحاتها الأولى، وشاشاتها، وبرامجها الإذاعية، يوم الإثنين الموافق 1 سبتمبر، تضامنًا مع الصحفيين في غزة، واحتجاجًا على استمرار استهدافهم ومنع وصول الإعلام الدولي إلى القطاع، في تحرك صحفي غير مسبوق.

الخطوة التي وصفت بأنها الأكبر في تاريخ العمل الصحفي الحديث، جاءت منسقةً بين منظمة "مراسلون بلا حدود" (RSF)، وحركة الحملات العالمية Avaaz، والاتحاد الدولي للصحفيين، حيث توحدت غرف الأخبار من آسيا إلى أوروبا، ومن أفريقيا إلى الأمريكيتين، لتطلق صرخة واحدة ضد ما وصفوه بـ"الحرب على الصحافة".
 

عتمة على الصفحات والهواء.. ونور رسالة موحدة
خلال هذا اليوم، صدرت الصحف الورقية بصفحات رئيسية معتمة تحمل رسائل احتجاجية، بينما توقفت القنوات والإذاعات مؤقتًا لبث بيان تضامني مشترك، في حين حجبت المواقع الإلكترونية صفحاتها الرئيسية أو رفعت لافتات سوداء تحمل شعار: "أوقفوا قتل الصحفيين في غزة".

ولم يقتصر التحرك على المؤسسات، بل شارك فيه آلاف المحررين والمراسلين والصحفيين المستقلين، الذين نشروا عبر حساباتهم المهنية والشخصية رسائل تضامن مع زملائهم في غزة، مؤكدين أن حرية الصحافة أصبحت مهددة أكثر من أي وقت مضى.
 

غزة.. المقبرة المفتوحة للصحفيين
وفقًا لتقارير منظمات حقوقية، فقد ارتفع عدد الصحفيين المستشهدين في غزة إلى أكثر من 210 منذ 7 أكتوبر 2023، ما يجعل الحرب الجارية الأكثر دموية للصحفيين في العصر الحديث.

ويأتي ذلك في ظل منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسائل الإعلام الأجنبية من دخول غزة منذ ما يقرب من عامين، وهو ما جعل الصحفيين الفلسطينيين وحدهم في مواجهة القصف المباشر، لتوثيق المجازر والمجاعة وجرائم الحرب.

أحدث هذه الجرائم وقعت يوم 25 أغسطس، حين قصفت قوات الاحتلال مجمع النصر الطبي – وهو مركز اعتاد الصحفيون استخدامه كمقر – ما أسفر عن استشهاد خمسة صحفيين بينهم موظفون في رويترز وأسوشيتد برس، وقبلها بأيام، استشهد ستة صحفيين في غارة واحدة، من بينهم مراسل الجزيرة أنس الشريف.
 

"حرب على الصحافة"
المدير العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" تيبو بروتين قال: "بمعدل قتل الصحفيين الحالي في غزة على يد جيش الاحتلال، لن يبقى قريبًا من ينقل الحقيقة للعالم، هذه ليست حربًا على غزة فحسب، بل هي حرب على الصحافة نفسها، الصحفيون يُقتلون ويُستهدفون وتُشوّه سمعتهم، بدونهم من سيكشف المجاعة وجرائم الحرب والإبادة الجماعية؟".

أما مدير الحملات في "أفاز" أندرو ليجون فأكد: "غزة تحولت إلى مقبرة للصحفيين، حكومة إسرائيل اليمينية تحاول إخفاء الحقيقة عبر إسكات الشهود، إذا صمت آخر الصحفيين، سيمر القتل دون أن يُرى".

فيما شدد الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنتوني بيلانجر على أن: "كل صحفي قُتل في غزة هو زميل وصديق، لقد ضحوا بحياتهم كي ينقلوا الحقيقة، ومع رحيلهم تضرر حق البشرية في المعرفة، نطالب بعدالة حقيقية واتفاقية دولية لحماية الصحفيين".
 

رسالة الإعلام إلى العالم: الحرية في خطر
يرى مراقبون أن هذه الحركة الإعلامية العالمية لا تقتصر على التضامن مع غزة فحسب، بل تشكل صرخة تحذير للبشرية جمعاء من الانزلاق نحو عالم بلا صحافة حرة، ففي غياب الصحفيين، لن يكون هناك شهود على الجرائم، ولن تُكشف المآسي، ولن يُحفظ التاريخ.

ويُتوقع أن تتوسع هذه الحملة خلال الأسابيع المقبلة لتشمل دعوات إلى إرسال بعثة دولية لحماية الصحفيين في مناطق النزاع، والضغط على الأمم المتحدة لتطبيق القرار 2222 الصادر قبل عشر سنوات بشأن ضمان حماية الصحفيين.
 

قائمة وسائل الإعلام المشاركة منشورة عبر الرابط الرسمي لمراسلون بلا حدود:
https://rsf.org/en/rsf-and-avaaz-launch-international-media-operation-rate-journalists-are-being-killed-gaza-israeli