شهد الوسط الإعلامي خلال الأيام الماضية جدلًا واسعًا بعد الأزمة التي فجّرها الملف الصحفي الذي نشرته جريدة «فيتو» بعنوان: «جمهورية المستشارين.. حكومة في الظل تكلف الملايين وتساؤلات حول جدوى مهامهم».
التقرير تناول ما وصفه بظاهرة تضخم عدد المستشارين في وزارة النقل وتكلفتهم الباهظة على ميزانية الدولة، وهو ما أثار غضب كامل الوزير، وزير النقل والصناعة والتنمية الصناعية، الذي سارع إلى تقديم شكوى رسمية للمجلس الأعلى للإعلام وبلاغ إلى النائب العام.
 

إحالة الشكوى إلى لجنة الشكاوى
المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة المهندس خالد عبدالعزيز، أعلن تلقيه شكوى الوزير ضد الجريدة، وأحالها مباشرة إلى لجنة الشكاوى برئاسة الإعلامي عصام الأمير لدراسة ما ورد بالملف الصحفي، مؤكّدًا التزامه بالتحقيق في الموضوع وفقًا للضوابط واللوائح المنظمة.
 

رد وزارة النقل
وفي بيان مطوّل أصدرته وزارة النقل، نفت فيه ما ورد بالتقرير الصحفي جملة وتفصيلًا، مؤكّدة أن عدد المستشارين بالوزارة لا يتجاوز اثنين فقط؛ الأول مستشار قانوني منتدب من مجلس الدولة، والثاني مستشار متخصص في الطرق معار من جامعة الزقازيق. كما شددت على أن تعيين القيادات يتم وفقًا لقانون الخدمة المدنية وبمعايير الكفاءة والنزاهة، نافية وجود أي "مناصب شرفية" أو "مستشارين صوريين".
الوزارة وصفت ما نشرته «فيتو» بأنه "شائعات وأكاذيب"، وأعلنت أنها لجأت إلى القضاء للحفاظ على سمعتها وحقوقها.
 

موقف نقابة الصحفيين
على الجانب الآخر، اعتبر نقيب الصحفيين خالد البلشي أن لجوء وزارة النقل إلى القضاء مؤشر خطير في ظل غياب قانون لحرية تداول المعلومات، مؤكدًا أن "الرد والتوضيح" هو الطريق الأمثل للتعامل مع ما قد تعتبره الجهات الرسمية معلومات مغلوطة.
البلشي أثنى على مبادرة «فيتو» بنشر بيان وزارة النقل فور صدوره باعتباره التزامًا مهنيًا وأخلاقيًا، مشددًا في الوقت نفسه على أن تكذيب أي مادة صحفية يظل "العقوبة الأكبر" التي يمكن أن يواجهها الصحفي.
 

مبادرة بوقف الإجراءات
بعد إعلان نقيب الصحفيين أن الفريق كامل الوزير قرر وقف الإجراءات القانونية وسحب شكواه من المجلس الأعلى للإعلام، في خطوة وصفها البلشي بأنها "مبادرة محمودة تؤسس لنهج جديد يقوم على الحوار والرد بدلاً من الملاحقة القضائية"، النقابة رأت في هذه المبادرة نموذجًا، معتبرة أنها رسالة تؤكد احترام حرية الرأي والتعبير وتعزيز ثقة المواطنين في الإعلام.
 

حرية الصحافة في مصر.. أزمة ممتدة
ورغم انتهاء الأزمة بشكل ودي، إلا أنها ألقت الضوء مجددًا على وضع الصحافة، حيث تشير تقارير حقوقية إلى وجود ما لا يقل عن 22 صحفيًا خلف القضبان، بعضهم رهن الحبس الاحتياطي المطوّل، فيما تواصل مصر احتلال مراتب متأخرة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2025 الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، حيث جاءت في المرتبة 170 من أصل 180 دولة.

المنظمة عزت هذا التراجع إلى استمرار القيود الحكومية على التغطية الصحفية، ومنع تداول المعلومات، ومحاصرة المنابر الإعلامية المستقلة، فيما صنفت لجنة حماية الصحفيين (CPJ) مصر ضمن الدول الست الأولى عالميًا في عدد الصحفيين المسجونين.