كشفت صحيفة إندبندنت البريطانية، في تقرير جديد، عن تفشٍّ خطير لمرض نادر وقاتل في قطاع غزة هو الشلل الرخو الحاد، وذلك نتيجة مباشرة لتدمير الاحتلال الإسرائيلي لمحطات معالجة المياه والصرف الصحي.
التقرير وصف الوضع الصحي بالقطاع بأنه "كارثي وغير مسبوق"، محذرًا من أن سكان غزة يواجهون خطر وباء جديد يهدد حياتهم في ظل حصار طويل وعدوان متواصل منذ أكتوبر 2023.
انتشار غير مسبوق
ووفق التقرير، سجّلت الأشهر الثلاثة الأخيرة 110 إصابات مؤكدة بالشلل الرخو الحاد، وهو رقم صادم مقارنة بالسنوات الماضية حين لم تسجل غزة سوى حالة أو حالتين فقط سنويًا. ويُعرف هذا المرض بأنه يسبّب ضعفًا عضليًا مفاجئًا قد يتطور سريعًا إلى شلل كامل. كما أن بعض الحالات تؤدي إلى فشل تنفسي ووفاة، خصوصًا في غياب العلاج المناسب.
الدكتور أحمد الفرّا، رئيس قسم الأطفال في مستشفى ناصر بخانيونس، قال للصحيفة: "رؤية 110 حالات أمر لا يُصدّق.. إنه تفشٍ مقلق ويُعد من أصعب التحديات الطبية التي شهدناها منذ عام 2023."
الأطفال في قلب الكارثة
تقرير وزارة الصحة في غزة أشار إلى أن 36% من الإصابات بالمرض أصابت أطفالًا دون سن الخامسة عشرة، ما يفاقم المخاوف من تداعيات طويلة الأمد على الأجيال الناشئة. في مستشفيي الشفاء وناصر –وهما البؤرتان الرئيسيتان للتفشي– توفي ما لا يقل عن تسعة أشخاص حتى الآن نتيجة الشلل الرخو الحاد.
الأسباب: مياه ملوثة وبنية مدمرة
يرتبط المرض ارتباطًا وثيقًا بتلوث المياه الناتج عن تدمير الاحتلال الإسرائيلي 70% من مضخات الصرف الصحي وجميع محطات معالجة مياه الصرف، وفق ما أكدته منظمة أوكسفام. وأشارت المنظمة إلى أن إسرائيل لم تسمح بدخول سوى 10% فقط من معدات تحلية المياه المطلوبة منذ يونيو/حزيران 2024، وهو ما يعكس سياسة ممنهجة في حرمان السكان من حقهم الأساسي في المياه النظيفة.
كما يُرجّح الأطباء أن السبب الرئيسي في غزة يعود إلى متلازمة جيلان باريه (GBS)، وهي مرض مناعي ذاتي نادر يؤدي إلى إصابة الجهاز العصبي. بعض الحالات تتطور لتترك المرضى في شلل دائم أو تؤدي إلى وفاة سريعة.
أزمة الدواء
منظمة الصحة العالمية ومسؤولون طبيون فلسطينيون أكدوا أن العلاج المنقذ للحياة غير متوفر داخل غزة، بينما ينفي جيش الاحتلال مسؤوليته عن منع دخول الأدوية. غياب الدواء يزيد من احتمالات ارتفاع عدد الضحايا، خصوصًا مع استمرار الحصار المشدد.
سوابق صحية في ظل الحرب
هذه ليست المرة الأولى التي يتحول فيها تلوث المياه في غزة إلى وباء. ففي يوليو 2024 أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اكتشاف فيروس شلل الأطفال في عينات من مياه الصرف الصحي بالتنسيق مع يونيسف. حينها تم إعلان القطاع منطقة وباء لشلل الأطفال.