يشكل المشروع المشترك الإماراتي الإسرائيلي لإنشاء بديل لقناة السويس تهديدًا استراتيجيًا واقتصاديًا كبيرًا لمصر، يقوض موقعها العالمي كأكبر ممر ملاحي بحري بين الشرق والغرب.
هذا المشروع الذي يرتبط بخطوط أنابيب نفطية وموانئ وسكك حديدية يهدف إلى تقليل الاعتماد على قناة السويس، ما سيكبد الاقتصاد المصري خسائر ضخمة ويضع مستقبل الملاحة البحرية المصرية في مهب الريح.
 

تفاصيل المشروع الإماراتي الإسرائيلي
في مارس 2021 كشف مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي آفي سمحون عن تمويل إماراتي لإنشاء ميناء مياه عميقة في ميناء "إيلات" الإسرائيلي على البحر الأحمر، مع خطة لإنشاء خط سكة حديد يمتد إلى أبو ظبي، يربط بين الشرق الأوسط وأوروبا بديلاً لقناة السويس.
كما تم توقيع عقد بين شركة موانئ دبي وميناء حيفا الإسرائيلي لتعزيز قدرة إسرائيل البحرية.

تشمل الخطة أيضًا مد خطوط أنابيب النفط من الخليج إلى ميناء إيلات، ثم نقلها عبر البحر المتوسط إلى أوروبا دون المرور بقناة السويس المصرية.

هذه المشروعات تهدف إلى خصم ما يصل إلى 50٪ من حركة النفط والغاز المارة عبر قناة السويس، التي تمثل مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة لمصر.

كما يخطط الجانب الإسرائيلي لشق قناة بحرية موازية للقناة المصرية باسم "قناة بن غوريون"، بطول 258 كم وعمق 50 مترًا وعرض 200 متر، مما يجعلها منافسة مباشرة لقناة السويس ذات الطبيعة الرملية التي تحتاج إلى صيانة مستمرة.
 

كيف ستتضرر مصر اقتصادياً واستراتيجياً؟
قناة السويس تحقق لمصر إيرادات ضخمة، حيث يسمح مرور السفن عبرها بتحصيل رسوم عبور تُقدر بمليارات الدولارات سنويًا، وهذا يشكل عمودًا فقريًا لدخل مصر من العملات الصعبة ويعزز مركزها الاستراتيجي.

مع تنفيذ المشروع الإماراتي الإسرائيلي البديل، ستفقد مصر جزءًا كبيرًا من هذه الإيرادات نتيجة تقليل مرور السفن، خصوصًا الناقلة للنفط والغاز الخليجيين.

وفقًا للتقارير، قد ينخفض دخل مصر من رسوم المرور بما يصل إلى 50٪، ما سيؤثر بشكل مباشر على ميزانية الدولة وقدرتها على تمويل المشروعات التنموية.

كما ستفقد مصر أهميتها الجيوسياسية في المنطقة نتيجة انتقال المركز الاقتصادي إلى القناة البديلة الإسرائيلية المدعومة إماراتيًا، هذا سيضعف دور مصر الإقليمي والدولي ويشكّل تهديدًا لأمنها الوطن.
 

أسباب التآمر الإماراتي ضد مصر
تتعدد الدوافع وراء دعم الإمارات لمشروع بديل لقناة السويس وإقامة تحالف مع إسرائيل بهذا الشأن:

  • رغبة الإمارات في التخلص من الاعتماد على قناة السويس كمسار رئيسي لنقل نفطها ومواردها، لما يترتب عليه من تكاليف وتأخيرات محتملة وانخراط القناة في قضايا أمنية.
  • السعي لتعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة وتثبيت حلف إقليمي اقتصادي وسياسي جديد يدعم مصالحهما المشتركة.
  • استغلال التطبيع الإماراتي الإسرائيلي للعب دور الوسيط اللوجستي بين الخليج وأوروبا، متجاوزين مصر.
  • الضغط على القاهرة بسبب ملفات ومواقف سياسية واقتصادية بين الدولتين، حيث تتخذ الإمارات موقفًا خاصًا في ملفات إقليمية ضد سياستها الحالية.

 

لماذا لا يتفاعل السيسي أو يتخذ موقفًا حازمًا؟

رغم خطورة التهديدات، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يظهر تحركًا واضحًا أو موقفًا صريحًا ضد هذه المشاريع، وقد عزز من ذلك تصريحات تطمين مستمرة بأن قناة السويس "قادرة وباقية ومنافسة"، وأن مصر تعمل على تطوير القناة وتحسين بنيتها التحتية.

لكن الغائب في المشهد هو الرد السياسي والدبلوماسي الحاسم الذي يعبر عن رفض المشروع الإماراتي الإسرائيلي الذي يمس الأمن القومي المصري. أسباب ذلك قد تكون:

  • علاقة متشابكة بين مصر والإمارات تجمعهما تحالفات اقتصادية وسياسية، وربما مصالح مشتركة على رغم التوترات الظاهرة.
  • رغبة السيسي في تجنب التصعيد مع الإمارات وحتى إسرائيل خشية التوترات الإقليمية وتأثيرها على استقرار النظام.
  • احتمالية وجود تفاهمات سرية لا يتم الإعلان عنها علنًا لضمان أمن النظام واستمراريته.
  • ضعف قدرة مصر في مواجهة هذه المشاريع أمام قوى إقليمية كبرى بدعم خارجي من الولايات المتحدة ودول غربية.

 

هل المصلحة واحدة بينهم؟ تآمر من الداخل والخارج
يمكن القول إن هناك تنسيقًا ضمنيًا أو على الأقل تواطؤًا بين النظام في مصر والإمارات وإسرائيل، حيث لا يتحرك السيسي بمواجهة واضحة تجاه ما يشكل تهديدًا وجوديًا.
هذا يعزز نظرية أن هناك مصالح مشتركة أو تفاهمات يصونها النظام رغم ما يترتب على ذلك من تآكل في المصالح الوطنية المصرية.
المرحلة الراهنة تثبت أن هناك لعبة إقليمية تستهدف تقويض مكانة مصر الاقتصادية والجيوسياسية، وأن النظام يتعامل معها بحذر وربما تواطؤ، في وقت تتزايد فيه الدعوات الشعبية والسياسية للوقوف بحزم ضد هذه المشاريع ورفض التنازل عن قناة السويس.

التداعيات المترتبة على المشروع البديل لقناة السويس المصري كبيرة ومقلقة، فقد تطورت الأحداث بداية من 2021 مع توقيع الاتفاقيات الإماراتية الإسرائيلية وبداية بناء البنى التحتية البديلة مرورًا بتصريحات المسؤولين الإسرائيليين والإماراتيين.

 

تشير البيانات إلى أن مصر ستتفقد ردحاً كبيراً من إيراداتها الحيوية، وتعاني من تآكل مكانتها الاستراتيجية، فيما يبقى الصمت الرسمي أو التصريحات التطمينية من قبل النظام على عكس حجم الخطر، وهو ما يستوجب موقفًا وطنيًا صارمًا للمواجهة ولحماية محور حياة مصر الاقتصادية والسياسية، قناة السويس.

هذا التقرير مستخلص من وقائع وأحداث وقعت خلال الأعوام الماضية ويعكس موقفًا ناقدًا وحذرًا من مستقبل القناة في ظل الصفقات الإماراتية الإسرائيلية وعلاقات النظام المصري، ويطالب باليقظة الشعبية والسياسية لردع التآمر.