في واقعة صادمة هزت ضمائر العالم، تعرض مجمع ناصر الطبي—الذي يعد آخر مستشفى كبير في جنوب غزة—لقصف مزدوج متزامن يوم 25 أغسطس 2025، ما أدى إلى استشهاد عشرات الأشخاص، بينهم مجموعة من الصحفيين وأفراد الدفاع المدني الذين كانوا يدافعون عن الحق في نقل الحقيقة، في بث مباشر على الهواء، أمام أعين العالم أجمع.
https://x.com/i/status/1959944781594755560
الضحايا من الصحفيين:
- مريم أبو دقّة، صحفية مستقلة عملت مع وكالة أسوشيتد برس
- محمد سلامة، مصوّر ومراسل قناة الجزيرة
- حسام المصري، متعاقد مع وكالة رويترز
- معاذ أبو طه، مصوّر حر
- أحمد أبو عزيز، صحفي من منصة "قدس فيد"
وأُصيب في الهجوم المصور حاتم خالد من وكالة رويترز.
سقوط الحقيقة وسط الركام
ما زاد الأمر فظاعة أن الضربة الثانية، التي استهدفت الموقع ذاته بعد دقائق، كبّرت فجوة الأمل وحاصرت قلب الرقابة الحرة ومحاولة إنقاذ الأرواح. فقد استهدفت فرق الدفاع المدني والمسعفين والصحفيين الذين انتقلوا لمساعدة الجرحى، وكأن القصف دبّج بثياب الضحية والمُنقذ معاً.
أرقام مرعبة في سجل الصحافة المدمرة
وفاة ما لا يقل عن 192 – 193 صحفيًا فلسطينيًا خلال الصراع حتى اليوم، حسب حسابات "اللجنة لحماية الصحفيين" و"مراسلون بلا حدود".
"الاضطهاد الممنهج للصحافة" بات عنوانًا يتكرر في بيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وسط تحقيقات لا تقود إلى محاسبة فعلية.
الصمت الدولي.. شريك في الجريمة
هذه ليست جريمة عابرة، بل استهداف متعمد للحقيقة، ومع ذلك يكتفي المجتمع الدولي ببيانات "القلق" التي فقدت قيمتها.
الحكومات التي ترفع شعار حماية الصحافة تغضّ الطرف عندما تكون الضحية فلسطينية، والمنظمات الدولية تكتفي بتوثيق الأرقام بدلًا من حماية الأرواح.
هذا الصمت ليس حيادًا، بل تواطؤًا يمنح القاتل الضوء الأخضر لمواصلة جرائمه بلا حساب، وهذا الهجوم لم يزهق أرواح الصحفيين فقط، بل قتل الأمل في أن تكون العدالة ممكنة.
الكاميرا التي سقطت في التراب ستبقى شاهدة على أن الحرية تُدفع ثمنها بالدم، وأن الحقيقة لا تُقال إلا إذا وجدت من يصر على نقلها مهما كان الثمن.
كما أن هذا الهجوم يستهدف جوهر الصحافة الحرة—الكاميرا والصحفي في لحظة نقل الحقيقة.
المأساة لم تزهق أجسادًا فحسب، بل طمست صرخة الحق في اللحظة التي كانت الإنسانية تبثُّ فيها صوتها بأسمى الصور.
كل اسم هو وعد بالحقيقة. كل ضحية هي شهادة حية على أن الحرية لا تنجو دون أبطال يحضرونها ولو بالكاميرا والدم.