مع انطلاق موسم الأوكازيون الصيفي مطلع أغسطس الجاري، كان يفترض أن تتحول الأسواق إلى ساحة حركة تجارية نشطة تُعيد الأمل للمنتجين والمستهلكين على حد سواء، غير أن الواقع جاء مغايراً.
فقد استقبل المواطنون موسم التخفيضات بحذر مشوب بالخيبة، وسط ظروف اقتصادية خانقة، وارتفاع معدلات التضخم، وتراجع القدرة الشرائية للأسر.
ورغم وعود وزارة التموين بتمديد فترة الأوكازيون أسبوعين إضافيين لتحريك الأسواق، فإن المشهد العام يوحي بأن الخصومات لم تحقق أثرها المأمول، سواء بالنسبة للبائعين أو المشترين.
ركود يخيّم على الأسواق
أرقام وزارة التموين والغرف التجارية تكشف حجم الأزمة: عدد الشركات المشاركة في الأوكازيون انخفض من 4000 العام الماضي إلى نحو 2000 فقط هذا العام.
كثير من المحلات التجارية أحجمت عن تقديم تخفيضات حقيقية، مفضلة الاكتفاء بعروض محدودة أو شكلية، في وقت يواجه فيه القطاع الصناعي غير النفطي ضغوطاً من ارتفاع تكلفة الإنتاج وتذبذب سعر الجنيه أمام الدولار، وهو ما انعكس على تسعير السلع وتراجع الإقبال عليها.
وبحسب جولة ميدانية، بدت الحركة ضعيفة في المراكز التجارية الراقية، حيث يكتفي المتسوقون بمشاهدة العروض دون إتمام عمليات شراء تُذكر، فيما اقتصرت حركة البيع النشطة نسبياً على الأسواق الشعبية، وتركزت في الملابس والأدوات المدرسية استعداداً للعام الدراسي الجديد.
ضغوط تضخمية ومخاوف قادمة
بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أظهرت انخفاض معدل التضخم السنوي إلى 13.9% في يوليو مقارنة بـ14.9% في يونيو، وهو ما أعطى بعض التفاؤل للمستهلكين.
لكن خبراء الغرف التجارية، مثل محمد الفيومي، يحذرون من أن هذه الانفراجة قد لا تدوم طويلاً، إذ يلوح في الأفق احتمال رفع أسعار الكهرباء والمحروقات في أكتوبر المقبل، إلى جانب أي هبوط جديد للجنيه، وهو ما قد يعيد إشعال موجة تضخمية جديدة تفاقم معاناة الأسر.
"خصومات صورية" وفقدان الثقة
أحد أبرز مظاهر الأزمة تمثلت في ما وصفه مواطنون وتجار بـ"التخفيضات الوهمية"، حيث تلجأ بعض المحلات إلى رفع أسعار منتجاتها قبيل الأوكازيون ثم الإعلان عن خصومات كبرى على نفس السلع، الأمر الذي يفقد المستهلكين الثقة في جدوى المشاركة.
مدير تسويق لإحدى كبرى شركات الملابس الجاهزة أكد أن مؤسسته ترفض الدخول في الأوكازيون الرسمي حتى لا تضر بسمعتها أو تعطي انطباعاً بأنها تُصفّي بضاعتها.
ويضيف: "المستهلك اليوم أصبح أكثر وعياً، فهو يقارن الأسعار قبل وبعد الخصم، وفي ظل تراجع الدخول لم يعد قادراً على المخاطرة بميزانيته إلا إذا لمس عروضاً حقيقية".
بين الواقع والبدائل
على الجانب الآخر، يحاول المنتجون والموزعون تنشيط السوق عبر التوسع في البيع بالتقسيط من خلال بطاقات الدفع المسبق، التي تتيح للمستهلكين شراء سلع تعادل عشرة أضعاف دخلهم الشهري وسدادها على أقساط.
ورغم كلفة الفوائد، فإن الإقبال على هذه الخدمات آخذ في التزايد، خاصة مع اتساع قاعدة مستخدمي الدفع الرقمي لتشمل نحو 42 مليون مواطن.