يواصل محصلو الشركة الوطنية للغاز «ناتجاس» في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة إضرابًا تباطؤيًا عن العمل لليوم الرابع على التوالي، احتجاجًا على تدني الأجور واستمرار العمل بنظام «التعاقد من الباطن» الذي يضعهم، كما يقولون، في أوضاع وظيفية غير مستقرة ويجرّدهم من حقوقهم الأساسية.
الإضراب، الذي بدأ عقب وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة، جاء بعد أن طُلب من العاملين — وفق شهاداتهم — إنهاء التجمع فورًا بأمر مباشر من رئيس مباحث قسم دمنهور وبحضور ممثلين من «الأمن الوطني»، مع مطالبتهم بحذف الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي. وبرر الضباط ذلك بأن «البلد فيها انتخابات.. ومش هينفع وقفات»، بحسب ما رواه أربعة من المحصلين.
آلية الإضراب: “تحصيل 50 بدلًا من 150”
أوضح أحد المحصلين أن فكرة الإضراب التباطؤي ترتكز على خفض معدلات الإنجاز اليومية بشكل كبير. فبدلًا من تحصيل 150 فاتورة يوميًا — وهو المعدل المتوقع — يقوم المحصل بإنهاء نحو 50 فقط، ما يتسبب في إبطاء عملية التحصيل دون توقفها تمامًا، في محاولة للضغط على الإدارة دون التعرّض لإجراءات عقابية مباشرة.
عقود تتبدل كل بضع سنوات.. والعمال بلا نسخ
يشير العاملون إلى أنهم يعملون منذ سنوات طويلة عبر شركات وسيطة تتغير أسماؤها بشكل دوري. أحد المحصلين يروي أنه بدأ عقده قبل عشر سنوات لدى شركة «العقارية»، ثم انتقل بعد سنوات إلى «الشبكات»، ثم إلى «جلوبال» في آخر عقد وقّعه قبل انتهائه في سبتمبر الماضي. ومع كل تغيير، لا يمنح العاملون نسخًا من عقودهم، وهو ما يثير شكوكهم بشأن طبيعة العلاقة القانونية مع «ناتجاس».
المصادر أكدت أن إدارة الشركة أخطرت المحصلين في سبتمبر الماضي بانتهاء عقودهم، وأنها ستعيد النظر في مسألة التجديد مع بداية العام الجديد، في خطوة اعتبرها العمال تهديدًا باستبدالهم أو إعادة التعاقد بشروط أكثر قسوة.
أجور شبه معدومة: 1300 جنيه أساسي.. وجنيه لكل فاتورة
ووفقًا لشهاداتهم، فإن متوسط الراتب الأساسي للعامل لا يتجاوز 1300 جنيه شهريًا، بينما يعتمد الراتب المتغير على تحقيق «تارجت» شهري يشترط تحصيل 3200 فاتورة، يحصل العامل مقابلها على جنيه واحد فقط عن كل فاتورة.
ورغم أن بعض المحصلين ينجحون في تحقيق هذا المعدل المرتفع، فإنهم — كما يؤكدون — لا يحصلون على كامل مستحقاتهم بسبب الاستقطاعات التي تفرضها الشركات الوسيطة، ما يجعل إجمالي الدخل يقل عن الحد الأدنى للأجور «بأكثر من عدة آلاف من الجنيهات»، على حد وصفهم.
قلق متصاعد على مستقبل الوظائف
الرسالة المفاجئة من الشركة بشأن احتمالية عدم تجديد العقود خلقت أجواءً من القلق بين المحصلين، خاصة أن عملهم مرتبط بقطاع حيوي لا يمكن الاستغناء عنه بسهولة، لكنهم يشعرون بأن استمرارهم في العمل مرهون بقدرتهم على تحمل تدني الأجور وغياب حقوقهم.
خلفية عن الشركة
تأسست «ناتجاس» عام 1998 وحصلت على امتياز حكومي لمدة 20 عامًا لتوصيل الغاز في عدة مناطق «متميزة» بالبحيرة وأجزاء من الجيزة والقاهرة والإسكندرية. وتستحوذ الشركة القابضة المصرية الكويتية على 84% من أسهمها، فيما تمتلك «بتروجاس» الحكومية 11%، والهيئة العامة للغاز في الهند 5%.
ورغم أن الشركة تعمل في قطاع يحقق أرباحًا ضخمة، يؤكد المحصلون أنهم لا يرون انعكاسًا لذلك على وضعهم الوظيفي أو أجورهم، وهو ما دفعهم للدخول في الإضراب الحالي، مطالبين بـ:
- الحصول على الحد الأدنى للأجور.
- إلغاء نظام التعاقد من الباطن.
- تثبيت العاملين داخل «ناتجاس» مباشرة.
- منحهم نسخًا من عقود عملهم.
- وقف الاستقطاعات غير المبررة من رواتبهم.

