حذر محمد عبد الرؤوف، أمين صندوق اتحاد المقاولين، من الارتفاع الجنوني في أسعار الأسمنت بالسوق المحلية، مؤكدًا أن هذه الأزمة باتت تهدد تنفيذ المشروعات القومية وقد تؤدي إلى خروج شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة من السوق بشكل كامل.
أسعار الأسمنت ترتفع بشكل غير مسبوق
قفزت أسعار الأسمنت في السوق المحلية إلى مستويات قياسية، حيث تجاوز سعر الطن في بعض المناطق 2500 جنيه بعد أن كان لا يتخطى 1200 جنيه قبل عام فقط.
هذه الزيادة الكبيرة لا تعكس فقط ارتفاعًا في التكلفة، بل تكشف عن غياب الرقابة الحكومية وتواطؤ بعض الشركات التي تتحكم في السوق وتفرض الأسعار كما تشاء.
غياب الرقابة الحكومية والممارسات الاحتكارية
خلال الأشهر الماضية، ارتفعت أسعار الأسمنت بشكل غير مسبوق في ظل غياب تام لأي رقابة حكومية فعالة.
ورغم الشكاوى المتكررة من المقاولين من استغلال المصانع للأوضاع الاقتصادية لتحقيق أرباح ضخمة، لم تتحرك الجهات المعنية لضبط السوق أو محاسبة المتلاعبين.
أين دور وزارة التجارة والصناعة وجهاز حماية المنافسة؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة في ظل هذه الممارسات الاحتكارية التي تؤثر سلبًا على الجميع من المواطنين إلى المقاولين وحتى الاقتصاد الوطني.
شركات تتحكم في السوق والدولة صامتة
بحسب عبد الرؤوف، هناك شبهات قوية بأن بعض المصانع تتعمد خفض الإنتاج بشكل متعمد للسيطرة على السوق ورفع الأسعار.
وفي الوقت نفسه، تقوم هذه الشركات نفسها ببيع الأسمنت للتصدير بسعر أقل من السعر المحلي.
هذه المفارقة الصادمة تكشف عن غياب الرقابة الحكومية التي تركت السوق في يد مجموعة من الشركات تتحكم في الأسعار كما تشاء، دون مراعاة للمصلحة العامة.
المشروعات القومية في خطر
ارتفاع أسعار الأسمنت لا يضر فقط بالمقاولين، بل يهدد خطط الدولة نفسها في تنفيذ المشروعات القومية الكبرى.
فعندما ترتفع التكلفة بشكل هائل، قد تتعثر المشروعات أو تتأخر، ما يعني خسائر بمليارات الجنيهات تتحملها الخزانة العامة في النهاية.
ومع ذلك، تكتفي الحكومة بالصمت وكأن هذه الزيادات لا تعنيها، رغم أن قطاع التشييد والبناء يعد أحد أهم أعمدة الاقتصاد المصري.
المقاولون الصغار في خطر
الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال المقاولات تواجه خطر الانهيار، لأن معظمها يعمل بهوامش ربح محدودة ولا تستطيع تحمل هذه الزيادات الكبيرة في التكاليف.
غياب الدعم الحكومي قد يتسبب في خروج مئات الشركات من السوق، ما يعني تشريد آلاف العمال وزيادة البطالة في قطاع يعتمد عليه ملايين المصريين.
تصدير الأسمنت بأقل من السعر المحلي: فضيحة بلا رد
كيف تقبل الحكومة أن تبيع المصانع الأسمنت للتصدير بسعر أقل من السوق المحلي؟ أليس هذا استنزافًا للسوق المصرية لصالح تحقيق أرباح بالدولار على حساب المواطن؟
هذه السياسة الكارثية لا يمكن أن تمر دون محاسبة، إلا إذا كان غياب الرقابة جزءًا من سياسة الدولة التي تكتفي بجمع الضرائب من الشركات دون أن تحمي المستهلكين.
أزمة مفتعلة وحكومة عاجزة
أزمة أسعار الأسمنت ليست قدرًا محتومًا، بل هي نتيجة طبيعية لفشل السياسات الحكومية في ضبط السوق ومواجهة الاحتكار.
بينما يدفع المقاولون والمواطنون الثمن، تلتزم الحكومة الصمت وتكتفي بالتصريحات الرنانة عن "المشروعات القومية" التي أصبحت مهددة بالتوقف بسبب تقاعسها.
إن لم تتحرك الدولة فورًا لوضع سقف للأسعار وإلزام المصانع بزيادة الإنتاج، فإن ما ينتظرنا هو شلل كامل في قطاع البناء، وانهيار لمئات الشركات، وانفجار جديد في الأسعار سيصل في النهاية إلى جيب المواطن البسيط.