رغم كثرة ظهوره الإعلامي، وزياراته الميدانية، وإصداره المستمر للبيانات الصحفية، يواجه طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية الحالي، انتقادات حادة بسبب تدني مؤشرات إنتاج الغاز والزيت في مصر إلى أدنى مستوياتها منذ ثلاثة عقود.
المفارقة تكمن في أن أكثر الوزراء نشاطًا على مستوى الإعلام والتسويق الشخصي هو نفسه المسؤول عن واحدة من أكبر الأزمات التي تعاني منها الدولة في قطاع الطاقة.
الوزير اعتاد إصدار بيانات صحفية شبه يومية، بمتوسط بيانين يوميًا، تتحدث عن اكتشافات وزيارات ميدانية ومشروعات جديدة.
لكن الدكتور أحمد مصطفى، خبير الطاقة، يرى أن هذه البيانات مجرد "تسويق إعلامي" لا ينعكس على أرض الواقع: "الأداء الفعلي في الحقول لا يتناسب إطلاقًا مع حجم التصريحات التي نسمعها يوميًا، الإنتاج يتراجع، والأزمة تتفاقم".
الاكتشافات الوهمية.. أين الإنتاج؟
خلال السنوات الأخيرة، أعلن الوزير عن اكتشافات اعتبرها "اختراقات" ستغير خريطة الطاقة، لكن الأرقام الرسمية تكشف عن تراجع حاد في الإنتاج.
المهندس خالد عبدالغني، خبير البترول، يعلّق: "إذا كانت الاكتشافات بهذا الحجم، لماذا عادت مصر للاستيراد؟ هذا أكبر دليل على أن الإعلان عن الاكتشافات لا يعني زيادة في الإنتاج. ما نشهده مجرد عناوين بلا نتائج".
المؤتمرات الخارجية.. سياحة على حساب الأزمات
يوصف الوزير بأنه الأكثر سفرًا بين أعضاء الحكومة، إذ يشارك باستمرار في المؤتمرات الدولية.
لكن الدكتور سامح حسن، أستاذ اقتصاديات الطاقة، يرى أن هذه الزيارات بلا جدوى واضحة:
"الحضور الدولي مهم، لكن ماذا عن الملفات الداخلية؟ تراجع الإنتاج، ديون الشركاء الأجانب، تأخر خطط التطوير.. كل ذلك لم يُحل. يبدو أن الوزير مهتم بالصورة الخارجية أكثر من مواجهة المشاكل الحقيقية".
أرقام صادمة تؤكد الفشل
بحسب بيانات داخلية مسرّبة، تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي والزيت إلى أدنى مستوى منذ 30 عامًا، ما أجبر الدولة على استيراد الغاز لسد العجز، وهو ما يكلّف الاقتصاد مليارات الدولارات في ظل أزمة عملة طاحنة.
ويقول الدكتور حسين عبدالعاطي، محلل الطاقة: "ما يحدث كارثة. كنا نصدر الغاز قبل سنوات، واليوم نستورده بسبب سوء الإدارة والتخبط في القرارات الاستراتيجية".
النتيجة: صورة لامعة.. أداء مظلم
يُجمع خبراء القطاع على أن وزير البترول الحالي ركّز على الترويج الإعلامي أكثر من وضع حلول عملية لزيادة الإنتاج وحل مشكلات القطاع.
والنتيجة، كما يصفها المهندس محمد علي، خبير الحقول النفطية: "الوزير نجح في خلق صورة ذهنية عن وزير نشيط، لكنه فشل في إدارة الملفات الجوهرية. الأرقام لا تكذب، والوضع الحالي هو الأسوأ منذ ثلاثة عقود".