في مشهد مأساوي جديد يضاف إلى سلسلة الحوادث الدامية على الطرق المصرية، اندلع حريق هائل مساء الخميس 21 أغسطس 2025، إثر تصادم مروع على طريق مطروح – الإسكندرية الساحلي قرب منطقة سواني جابر بالضبعة.

الحادث نتج عن انقلاب شاحنة نقل ثقيل واشتعال النيران في أربع سيارات، مما أسفر عن إصابة 20 شخصًا بجروح متفاوتة الخطورة، فيما توفي اثنان من المصابين رغم محاولات إنقاذهما داخل المستشفى.

الأمر لم يكن مجرد حادث عابر، بل جرس إنذار جديد حول تدهور منظومة السلامة المرورية في مصر، والتي تحولت إلى أزمة مزمنة تهدد حياة المواطنين يوميًا.
 

يومان داميان على الطرق المصرية
حادث الضبعة لم يكن الوحيد، فخلال يومي الأربعاء والخميس (20 و21 أغسطس)، شهدت الطرق المصرية سلسلة من الحوادث المروعة:

  • الأوتوستراد – القاهرة: تصادم بين شاحنة
  • محملة بالرخام وأتوبيس وسيارتين، أسفر عن 3 قتلى و7 مصابين.
  • مطروح :حادث بين ميكروباص وسيارة ملاكيأدى إلى إصابة 15 شخصًا.

تكرار الحوادث خلال أقل من 48 ساعة يعكس فشلًا واضحًا في إدارة ملف السلامة المرورية، رغم الوعود الحكومية المتكررة بتطويرالطرق.
 

لماذا الصمت أمام نزيف الدم؟
رغم المليارات التي أعلنت الحكومة عن إنفاقها على تطوير شبكة الطرق، ما زال المواطنون يواجهون حوادث كارثية تكشف عن واقع مخيف.
فالمشاكل والكوارث مازالت مستمرة في إهمال صيانة الحفر والمطبات وسوء الإضاءة ما زالت سمة أساسية لكثير من الطرق، كما أن انعدام الرقابة على شاحنات النقل التي تسير بأوزان زائدة وسائقون مرهقون دون رادع مستمر بالإضافة لغياب خطط الطوارئ فأين خطط الانتشارالسريع لوحدات الإنقاذ والدعم الطبي؟ لماذا تستمر معاناة المصابين في انتظار الإسعاف؟

الحكومة تكتفي عادة بإصدار بيانات تعزية وتوجيهات شكلية، لكن لا نرى إجراءات جذرية توقف نزيف الأرواح.
 

أصوات الغضب: "أرواحنا مش رخيصة"
عائلات الضحايا لم تخفِ غضبها من استمرارالإهمال، حيث قالت إحدى أقارب المصابين:"ابني راح ضحية الإهمال.. لو الطريق كان مؤمن ومافيش مطبات وحفر، كان زمانه عايش. لحد إمتى هنفضل ندفن أولادنا؟"
وقال أحد شهود العيان وهو يبكي:"الطريق ده معروف إنه خطر، والإسعاف اتأخر أكتر من ساعة. لو فيه رقابة حقيقية كان اتمنع السير بالشاحنات الثقيلة في أوقات الذروة."
 

تحذيرات الخبراء: الحوادث تلتهم الاقتصاد وتسيء لصورة مصر
خبراء النقل والمرور يرون أن استمرار الحوادث بهذا الشكل لا يهدد الأرواح فقط، بل يضرب الاقتصاد الوطني ويشوه صورة مصر عالميًا.
يقول الخبير المروري اللواء أحمد سرحان:"الطرقات أصبحت مصدر نزيف بشري واقتصادي، حيث تؤدي الحوادث إلى خسائر فادحة في الإنتاج وتعطل حركة التجارة والسياحة. استمرار الإهمال سيؤدي إلى فقدان الثقة في البنيةالتحتية المصرية."

بينما أشار أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد عادل إلى أن:"الحوادث تكلف الدولة مليارات الجنيهات سنويًا في علاج المصابين وإصلاح الطرق، فضلاً عن تعطيل حركة الشحن ونفور المستثمرين من بيئة غير آمنة."

وأكد خبراء السياحة أن تكرار الحوادث على الطرق المؤدية للمناطق الساحلية مثل الساحل الشمالي ومطروح يضر بسمعة مصر السياحية ويثير مخاوف السائحين الأجانب.

وفي النهاية فإن ما تحتاجه مصر اليوم ليس مزيدًا من المؤتمرات والوعود، بل خطة طوارئ حقيقية تشمل: صيانة عاجلة، تشديد الرقابة،إنشاء فرق تدخل سريع للحوادث، وتفعيل دور الإعلام في التوعية، وبدون ذلك، ستبقى الطرق المصرية ساحات موت مفتوحة، وستظل أرواح الأبرياء تحترق مع كل حادث جديد.