في واحدة من أبسط الحقوق الإنسانية، حقالحصول على مياه نظيفة للشرب والاستخدام اليومي، تفشل الحكومة المصرية عامًا بعد عام في الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها، تاركة آلاف الأسر في محافظات الصعيد والدلتايعانون من العطش والإهمال. الأزمة ليست جديدة ولا طارئة، بل ممتدة منذ سنوات طويلة،

ومع ذلك لا تزال السلطة تصرّ على اتباع سياسة التجاهل، وكأن الماء رفاهية وليس حقًاأساسيًا.

 

عزبة سعيد عقاب… عامان بلا مياه ولا استجابة

منذ أكثر من عامين، يعاني أهالي عزبة سعيدعقاب من انقطاع مياه الشرب بشكل كامل، وهو ما حوّل حياتهم اليومية إلى جحيم. النساء يحملن الجِرار من القرى المجاورة، والأطفال يُرسلون لمسافات بعيدة بحثًا عن "جركن ماء"، فيما يضطر البعض لشراء المياه من سيارات خاصة بأسعار مضاعفة. ورغم توثيق الأهالي لمعاناتهم عبر مقاطع فيديو، ورغم عشرات الشكاوى المقدمة للمسؤولين المحليين،لم يتغير الوضع قيد أنملة.

فالأهالي طرقوا أبواب المسؤولين، وقدموا شكاوى، وناشدوا شركة مياه الشرب والمحافظة، لكن بلا استجابة. المفارقة المؤلمة أن المسؤولين أنفسهم يتحدثون عن مشروعات قومية ضخمةمليارية لمد أنابيب ومياه إلى منتجعات سياحية ومدن جديدة مخصصة للأثرياء، بينما يُترك القرى الفقيرة لتدفع ثمن الإهمال، وتعيش رهينة لتجار المياه الذين يستغلون الأزمة ويبيعونالجركن الواحد بأسعار باهظة تفوق قدرة الأسر البسيطة. 

تصرّ شركة مياه البحيرة على تجاهل النداءات،مكتفية ببيانات ووعود عامة عن "إصلاح خطوط"، بينما الحقيقة على الأرض أن القرية تعيش حالة عطش كاملة. قرى أخرى على الخريطة السوداء للعطش
ما يحدث في عزبة سعيد عقاب ليس استثناءً،بل هو جزء من مشهد واسع من الإهمال:

  • عزبة حسين عمرو تعاني من انقطاع المياه منذ أربع سنوات كاملة، دون أي تدخل جاد لحل الأزمة.
  • عزبة كازولي الشرقية بأبو المطامير تعيشمعاناة مشابهة، حيث تنقطع المياه باستمرار ويضطر الأهالي إلى شراء مياه غير مضمونة المصدر.
  • عزبة الجرف في إدكو بدورها تشتكي من غيابالمياه بشكل شبه دائم، مع اعتماد تام على سيارات توزيع المياه التي لا تأتي إلا على فترات متباعدة.

هذه الأمثلة تكشف أن الأمر ليس مجرد خللتقني في منطقة بعينها، بل سياسة عامة من الإهمال والتقصير المتعمد في حق القرى والمناطق الفقيرة.

 

تجار المياه… أرباح على حساب عطش الغلابة

في ظل غياب الدولة، ظهر ما يشبه سوق سوداءللمياه. تجار خاصون يبيعون "الجركن" بسعر قد يصل إلى 40 جنيهًا وأكثر، وهو ما يمثل عبئًا لا يُطاق على الأسر التي تعاني أصلاً من الفقر.

المواطن هنا يجد نفسه أمام خيارين أحلاهمامر: إما أن يتحمل مشقة البحث عن الماء في القرى المجاورة، أو أن يدفع أموالاً طائلة لتجار المياه حتى لا يرى أطفاله يموتون من العطش.

المفارقة أن الحكومة نفسها تتحدث عن"محاربة الأسواق السوداء"، لكنها في واقع الأمر تسمح لتلك الأسواق بالازدهار لأنها لا تؤدي واجبها الأساسي في توفير المياه.

 

غياب العدالة في توزيع الموارد

في الوقت الذي تعاني فيه قرى البحيرة والصعيدمن العطش، تُضَخ مليارات الجنيهات في مشروعات استعراضية مثل العاصمة الإدارية الجديدة أو مد خطوط مياه إلى المنتجعات السياحية بالساحل الشمالي. هذه المفارقة الصارخة تكشفغياب العدالة الاجتماعية في توزيع الموارد.

المياه التي تُقطع عن القرى الفقيرة تُوفَّر ببذخ لمدن النخبة حيث المسابح والبحيرات الصناعية، وهو ما يعكس رؤية السلطة التي تهتمبواجهة لامعة أمام العالم الخارجي أكثر من اهتمامها بحياة مواطنيها.
دولة تُسقي الأغنياء وتترك الفقراء عطشى ما يجري في عزبة سعيد عقاب ومثيلاتها ليس مجرد خلل إداري أو أزمة مؤقتة، بل هو نتاج مباشر لسياسات دولة اختارت أن تُهمل مواطنيهاالفقراء وتخدم مصالح النخبة، إن حرمان الناس من المياه ليس مجرد إهمال، بل جريمة إنسانية تمارسها حكومة تخلت عن أبسط واجباتها.

الحل لا يكمن في تصريحات إعلامية جوفاء،بل في إرادة سياسية حقيقية لإصلاح البنية التحتية، وتوزيع عادل للموارد، ومحاسبة المسؤولين عن ترك قرى بأكملها تواجه العطش. وحتى يتحقق ذلك، سيظل المواطن المصري في مواجهة عطشيومي، يدفع فيه من صحته وماله وكرامته ثمن إهمال دولة لا ترى فيه إلا عبئًا.

 

ردود الفعل

كتب أيمن هدهود " السيسي الاسرايلي نفسه فى عطش ومجا عه".

https://x.com/aymanhadhoud48/status/1957714693667115289

وعلق المواطن اكس " الناس دي بتدفع ضرايب على الاكل والشرب وعلى كل حركة ونفس المياه والكهرباء حقوق مش مجامله من الدولة لو الدولة هتقصر في واجباتها يبقا الدوله ملهاش تاخد منهم ضرايب ولا يكون لها صفة وتسيبهم يدبروا حالهم بنفسهم ..

https://x.com/XDevZid/status/1957719326363914565