في ضوء استمرار المقاومة، وخصوصًا هجوم عبوة برميلية شديدة الانفجار شمال شرق خانيونس الذي استهدف ناقلة جنود إسرائيلية وأسفر عن قتلى وجرحى من صفوف الاحتلال، بات قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بغزو فوري لقطاع غزة محط أنظار وتحليل داخلي وخارجي.
الموقف الرسمي لطرف المقاومة، إلى جانب تحذيرات رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، وتحذيرات رئيس أركان الجيش إيال زامير، تظهر جليًا أن انسداد سياسي واقعي أمام الاحتلال، وقد تدفعه المقاومة إلى قرار يقوده نحو مستنقع طويل.
هجوم العبوة البرميلية ومدى نجاح المقاومة العملياتي
أعلن القسام أن ناقلة جنود إسرائيلية في منطقة الزنة شمال خانيونس انفجرت بـعبوة شديدة التفجير.
لم يصدر تعليق رسمي إسرائيلي، لكن تقارير محلية ومصادر المقاومة تشير إلى وقوع قتلى ومصابين في صفوف العدو، ما يعكس فعالية العمليات القتالية بالرغم من القدرات المتقدمة للطرف الإسرائيلي.
https://youtu.be/40rFrEpeYdI
هذا الهجوم هو الأحدث ضمن سلسلة عمليات نوعية لـ"القسام"، مثل: كمين الأبرار – معركة الزنة – الذي استهدف ناقلات ودبابات وجنود، وأسفر حسب المقاومة عن سقوط قتلى ومركبات دمرت، رغم روايات متفاوتة من الجانب الإسرائيلي.
قاعدة معركة خان يونس والمقاومة المتقدمة
انطلقت صدرية المقاومة القسامية في معركة خان يونس منذ مايو 2025، ضمن عملية "عجلات جدعون". رغم أن الاحتلال سيطر على مناطق واسعة، إلا أن مقاومة السرايا الشعبية والقسام نجحت في استنزاف القوات وإلحاق خسائر بها.
انتكاسات تكبدها الاحتلال في مشاهد عمليات الكمائن الميدانية، ما عزز، وفق تصريحات من المعارضة، صورة الانتفاضة في الميدان، وهو ما جعل قرار الاحتلال أكثر تكلفة.
تحذيرات المعارضة الإسرائيلية: لابيد لأول مرة
رغم التوتر السياسي، أعلن رئيس المعارضة يائير لابيد تحذيره من أن احتلال غزة كاملًا سيؤدي بمزيد من الجنود إلى القتل، زيادة في أعداد الأسرى، وضياع الهدف الأساسي لإنقاذ الرهائن:
"إذا استمر نتنياهو نحو احتلال غزة—قد يُقتل الأسرى الإسرائيليون، وسيقتل المزيد من الجنود"
هذا الموقف يعكس اتجاهًا سياسيًا نادرًا يرى أن العسكرة الزائدة ستقود إلى كارثة دوّامة تتعاظم فيها تكلفة الحرب مقابل غياب مكاسب استراتيجية ملموسة.
تباين داخلي إسرائيلي: رئيس الأركان زامير ضد قرار نتنياهو
رئيس الأركان الإسرائيلي، اللواء إيال زامير، عبّر بوضوح عن تردد الجيش في تنفيذ قرار الاحتلال الشامل:
أعلن عن خفض عدد القوات الميدانية وعدم تمديد خدمة الاحتياط، في رسالة غير مباشرة توضح استنزاف الجيش وتعبه المتنامي .
لكنه أقر في تصريحات لاحقة بأن الجيش مستعد لتنفيذ أي قرار سياسي حددته الحكومة، رغم أنه يرى أن القرار يمثل خطورة حقيقية.
تصاعد الخلاف بين القيادات السياسية والعسكرية حول قرار الاحتلال يشير إلى أن الحرب على غزة لامست حدًا غير معقول للمسؤولين العسكريين.
تصريحات نتنياهو وتبادل الرسائل السياسية
رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول الضغط عبر قراره باحتلال كامل للقطاع بهدف إجبار حماس على الاستسلام وإطلاق الأسرى.
تواجه هذه الخطوة ضغوطًا من داخل حكومته، خاصة من قيادات أمنية سابقة، تخشى الانعكاسات الاجتماعية والدبلوماسية والتكاليف الاقتصادية الكبيرة—حسب مطالبات المعارضة والإعلام الإسرائيلي .
كلفة الاحتلال الشامل: إنهاك القوات وتحديد النتائج
تحذيرات رئيس الأركان وزامير تشير إلى ما يلي:
- احتمالية نقص كبير في الاحتياط نتيجة الاستنزاف وعدم قدرة الجيش على تعويض الخسائر.
- استمرار حالة الإرهاق النفسي والجسدي لقوات الاحتياط والنظامية بعد ما يقرب من عامين من القتال المستمر.
- قلق من أن الاحتلال الكامل يعني تحمل مسؤولية تسيير غزة، البناء، والسكان—تكلفة مالية تفوق المليارات سنويًا، وتعتبر عبئًا اقتصاديًا غير مقبول.
نتائج ميدانية مقلقة للمقاومة
استنادًا إلى بيانات المقاومة وإفادة إعلامية: القسام نفذ عدة عمليات دقيقة شملت استهداف ناقلات جند وكمائن متطورة ومواقع هندسية.
من أبرز العمليات: تفجير ناقلة ومقتل ضباط وجنود ضمن آليات المدرعة ما دفع الاحتلال لنشر فرق طبية ومروحيات إخلاء في المناطق الشمالية لخانيونس.
التحليل الاستراتيجي: الارتباط بين المقاومة وقرار الاحتلال
- المقاومة تفشل فرضية "الاحتلال بلا تكلفة"
نتنياهو يسعى إلى احتلال كامل لإرادة السيطرة، لكن الواقع العسكري يثبت أن البقاء تحت الاحتلال يعني مواجهة حرب استنزاف طويلة وصعبة. - موقف ما بين المقاومة والسياسيين
تحذيرات رئيس المعارضة ورئيس الأركان تشيران بوضوح إلى أن الاحتلال لا يُعد استراتيجية حكيمة، بل قرار مكلف ميدانيًا وسياسيًا. - المقاومة تستثمر نفق التناقضات الإسرائيلية
بالضد من تصور العدو، المقاومة تحاول استغلال الانقسامات السياسية والعسكرية في إسرائيل لخلق معادلة تمنع الاحتلال الآني الكامل.
استمرار نجاحات كتائب القسام مثل استهداف ناقلة الجند بعبوة برميلية متفجرة، وحديث قائد الأركان عن إرهاق القوات، وتحذيرات المعارضة من نتائج الاحتلال الشامل- يطرح سؤالًا وجوديًا: هل الاحتلال الكامل لقطاع غزة هو هدف واقعي أم مغامرة استراتيجية ستقود إسرائيل إلى طريق أنفاق المقاومة؟
في اللحظة التي يُعلن فيها نتنياهو استعداده لغزو كامل، فإن القسام يُعلن قدرته على تحويل كل خطوة للاحتلال إلى هدنة ميدانية وابتزاز استراتيجي.
والسؤال الحقيقي: هل غزة تُفتح أم تحتل؟ والأهم: من سيغني الجرحى؟ المقاومة أم الاحتلال؟