أعلنت وزارة الداخلية أمس الأحد، إحباط ما وصفته بـ"مخطط إرهابي" لحركة "حسم"، الجناح المسلح لجماعة الإخوان المسلمين، مدعية تنفيذ عملية أمنية أسفرت عن تصفية عنصرين، وإصابة ضابط، واستشهاد مدني تصادف مروره بموقع الاشتباك، في توقيت دقيق يتزامن مع تزايد الغضب الشعبي والأزمات الاقتصادية الخانقة في مصر.
غير أن ما بدا كعملية أمنية كبيرة، سرعان ما انهار تحت وطأة التشكيك الشعبي، بعدما كشفت تحليلات فنية ووقائع متسارعة زيف المشهد، بدءاً من الفيديو "التحريضي" الذي نشرته صفحات مقربة من السلطة، مروراً بمشاهد لعمليات ميدانية تبيّن أنها مأخوذة من المسلسل الدرامي "الاختيار"، وصولًا إلى الاستنكار الواسع عبر مواقع التواصل الذي اتهم السلطات بـ"اختلاق معركة وهمية لتبرير القمع وتغطية الفشل السياسي والاقتصادي".
الداخلية تروّج لسيناريو "إحباط مؤامرة" واغتيالات
في بيان مطوّل، زعمت وزارة الداخلية أنها كشفت معلومات "موثقة" تفيد بإعادة تنظيم صفوف حركة "حسم"، والإعداد لتنفيذ عمليات عدائية ضد منشآت أمنية واقتصادية داخل البلاد.
وأوضحت أن أحد عناصر الحركة تسلل عبر الحدود بشكل غير شرعي، بالتزامن مع نشر فيديو تدريبي على وسائل التواصل الاجتماعي، يتوعد فيه النظام المصري بـ"القصاص".
ووفق البيان، تمت مداهمة وكر يتحصن به عنصران تابعان لـ"حسم"، فبادرا بإطلاق النار، مما دفع القوات إلى الرد، وأسفر الاشتباك عن مقتلهما، واستشهاد مدني كان متواجدًا بالصدفة، إضافة إلى إصابة ضابط.
كما ذكرت الوزارة أسماء خمسة من قيادات الحركة قالت إنهم يشرفون على "المخطط الإرهابي"، وجميعهم يقيمون خارج البلاد، ومحكوم عليهم بأحكام غيابية بالإعدام أو السجن المؤبد في قضايا سابقة، مثل محاولة اغتيال النائب العام ومحاولة استهداف الطائرة الرئاسية.
فيديو مريب يثير الشكوك.. "حسم" تعود من العدم؟
جاء بيان الداخلية بعد أيام من تداول فيديو قصير على مواقع التواصل الاجتماعي، نُسب إلى حركة "حسم"، يُظهر مسلحين ملثمين يطلقون النار ويتدربون في مناطق صحراوية، ويتخلل الفيديو بيان موجه للسلطة يتحدث عن "عودة المعركة" ويهدد بـ"استكمال الطريق مهما غلا الثمن".
اللافت أن الفيديو أُنتج بإخراج بدائي ومبالغ فيه، وتضمن مشاهد متناقضة جغرافيًا، ما أثار شبهات واسعة حول صحته، خصوصًا أنه بُث يوم 4 يوليو، تزامنًا مع ذكرى الانقلاب العسكري، وفي خضم موجة انتقادات شعبية لاذعة ضد النظام.
تحقيق أجرته منصة "صحيح مصر" كشف أن الفيديو يحتوي على مشاهد أُنتجت في بيئات صحراوية غير متجانسة، بعضها يشبه الصحراء السوداء غرب مصر، والبعض الآخر أقرب لمناطق في سوريا أو ليبيا، كما أظهرت التحليلات أن المشاهد قد تكون أرشيفية أو مركبة، مما يدحض ادعاءات نسبتها لحركة مسلحة داخل البلاد.
https://x.com/SaheehMasr/status/1941447123708359002
سخرية شعبية وغضب من "استخفاف بالعقول"
ردود الفعل على مواقع التواصل لم تتأخر، حيث انتقد مصريون ما وصفوه بـ"سخف" الفيديو المزعوم لحركة "حسم"، واعتبروه محاولة مكشوفة من النظام لصرف الأنظار عن الواقع الاقتصادي والسياسي المتدهور، وكتب كثيرون أن التلويح بفزاعة الإرهاب بات أسطوانة مشروخة لم تعد تقنع أحدًا.
"هل يُعقل أن سبعة أشخاص ببنادق وسيارة بيك آب، يشكلون تهديدًا لدولة تُنفق مليارات على الأجهزة الأمنية؟"، تساءل أحدهم، بينما سخر آخر من اللجوء إلى فيديوهات "الاختيار" لخلق مشهد أمني مفبرك.
الدراما تتداخل مع الواقع: لقطات من مسلسل "الاختيار" في بيان أمني
في تطور صادم، كشفت منصة "التحقق بالعربي - FactCheckar" أن وزارة الداخلية أرفقت في بيانها مقاطع مصورة تزعم أنها من "عملية مداهمة"، لكنها في الحقيقة مأخوذة من مسلسل "الاختيار"، الذي أنتجته شركات تابعة للدولة، المشاهد المستخدمة شملت مداهمات وتمثيلًا دراميًا لاعتقال عناصر مسلحة، لكن الداخلية لم توضح أنها مأخوذة من عمل فني.
هذا الاكتشاف عزّز من الشكوك بأن "القصة الأمنية" برمّتها مختلقة أو على الأقل مبالغ فيها، بهدف خلق عدو وهمي يبرر القمع والاستنفار الأمني في فترة شديدة التوتر.
https://www.facebook.com/factcheckAr/posts/pfbid034zaS9BrvQY76bE4aaXzgDhkT4QpmBmFWxHrAWGS3ujdYxrTAScaCNLtYDX2h5HXGl
عبد الناصر سلامة: أساليب الأمس لا تنفع اليوم
الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة، رئيس تحرير الأهرام الأسبق، علّق قائلاً إن التعامل الشعبي مع فيديو "حسم" عبر التشكيك والسخرية، يعكس وعيًا جمعيًا تجاوز أساليب التخويف التقليدية. وأضاف: "أساليب الأمس لا تصلح لليوم، فالشعب تغيّر، ولا يلدغ من جحر 14 مرة".
بيان الداخلية
القناة الأولي
https://youtu.be/zhjEtaIUZ88?si=LYMBMTG5DaPBW2g8
اكسترا نيوز
https://youtu.be/PMN-sjkZe14?si=WKXYWuKWjPNUh139
مسلسل الاختيار
اطفيح
www.instagram.com/reel/DK9yBMZtM3V/?igsh=MTdlemNyZjFpamhsdg==
مشهد منزل همام
https://youtu.be/YVx2FFcVMow?si=EUZZN-9BTPyw3xYx