أثار الإعلان الأخير لجيش الاحتلال الإسرائيلي عن مقتل شخص واعتقال آخر قرب الحدود المصرية – بزعم إحباط محاولة تهريب – موجة جديدة من التساؤلات حول الأداء الأمني للحكومة المصرية، ومدى قدرتها على فرض السيطرة الكاملة على واحدة من أكثر المناطق حساسية في البلاد.

ففي تفاصيل الحادثة، أوضح بيان الجيش الإسرائيلي أن قواته رصدت سيارة مشبوهة تقل عدة أشخاص داخل الأراضي الإسرائيلية، قادمة من جهة الحدود المصرية.
وعند وصول القوات، حاول المشتبه بهم الفرار، لكن السيارة صدمت مركبة عسكرية وانقلبت، ما أدى إلى مقتل أحد ركابها واعتقال آخر، بينما لم تسجل إصابات بين الجنود الإسرائيليين.

وبحسب البيان، فإن الجيش يعتقد أن المشتبه بهم كانوا يخططون لتنفيذ عملية تهريب باستخدام طائرات مسيّرة (درونز)، وهي وسيلة باتت شائعة خلال الأعوام الأخيرة عبر الحدود المصرية – الإسرائيلية.

هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي في سياق متكرر من الحوادث الأمنية التي كشفت، بحسب مراقبين، عن ثغرات مقلقة في المنظومة الأمنية المصرية، خصوصًا على طول الحدود الممتدة لأكثر من 255 كيلومترًا.
وتشهد المنطقة محاولات تهريب أسبوعية تقريبًا، تُستخدم فيها تقنيات متطورة، أبرزها الطائرات بدون طيار التي تنطلق من الجانب الإسرائيلي لتحميل البضائع من داخل الأراضي المصرية ثم تعود محملة بالممنوعات.

ورغم حساسية الموقع وحداثة الأساليب المستخدمة، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة المصرية أو المتحدث العسكري حتى اللحظة، وهو ما أثار انتقادات حادة من مراقبين اعتبروا الصمت الرسمي “امتدادًا لسياسة الإنكار والتعتيم” تجاه الأحداث التي تمس السيادة والأمن القومي.

ويستشهد المنتقدون بسلسلة من الوقائع السابقة التي كشفت ضعف التنسيق الأمني وتدهور الجاهزية على الحدود. ففي يناير 2024، أصيبت جندية إسرائيلية بجروح في اشتباك مع مهربين، وأعلنت تل أبيب حينها مقتل أحدهم واعتقال ستة من قبل السلطات المصرية.
أما في يونيو 2023، فقد تصاعد التوتر بشكل خطير بعد مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وشرطي مصري خلال تبادل لإطلاق النار، في حادثة وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بأنها “دليل على هشاشة السيطرة الأمنية في المنطقة”.

ويرى محللون أن تكرار مثل هذه الحوادث يعكس فشل الحكومة المصرية في تطوير استراتيجية فعالة لضبط الحدود، خاصة مع تصاعد استخدام التكنولوجيا الحديثة في عمليات التهريب، إلى جانب استمرار الفساد داخل بعض الأجهزة المنوط بها حماية الحدود.
كما يحذرون من أن استمرار هذه الاختراقات قد يعرّض القاهرة لضغوط إسرائيلية وأمريكية متزايدة بدعوى “التقصير في محاربة التهريب العابر للحدود”.

في ظل غياب الشفافية، وتكرار الحوادث دون محاسبة واضحة أو مراجعة للإجراءات الأمنية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل فقدت الحكومة السيطرة على حدودها الشرقية، أم أنها تختار تجاهل ما يجري هناك تجنبًا للإحراج السياسي؟