سجلت البورصة السلعية المصرية تراجعًا كبيرًا في أدائها خلال النصف الأول من عام 2025، إذ هبطت قيمة التداولات بنسبة 43.7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لوثيقة رسمية.
ويأتي هذا التراجع وسط تحولات جذرية تلوح في الأفق، أبرزها اتجاه إدارة البورصة لتحويلها من منصة لتداول السلع الحاضرة إلى بورصة للعقود الآجلة.
ويكشف هذا التحوّل عن أزمة أعمق تواجهها المنظومة التي أُنشئت في الأصل لضبط الأسعار، وتعزيز المنافسة، وضمان وصول السلع الأساسية إلى الأسواق بعيدًا عن سطوة الاحتكار.
انخفاض في التداول وتقلص عدد السلع
أظهرت البيانات أن إجمالي التداولات في البورصة بلغ 328.6 مليون جنيه فقط خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري، انخفاضًا من 583.5 مليون جنيه في الفترة نفسها من عام 2024.
كما اقتصرت عمليات التداول على سلعة واحدة فقط هي النخالة، بعد أن كانت المنصة تتعامل مع تسع سلع زراعية في بداية نشاطها بنوفمبر 2022، من بينها القمح، والذرة، والسكر، والتي توقفت عن التداول تمامًا منذ بداية عام 2025.
وخلال تلك الفترة، تم تنفيذ 424 صفقة فقط على 30.4 ألف طن نخالة، مقارنةً بـ 54 ألف طن سلع متنوعة في النصف الأول من العام الماضي، ما يعكس الانكماش الواضح في حجم وأهمية البورصة.
خطط للتغيير.. من الحاضر إلى المستقبل
في ظل هذه المؤشرات المقلقة، كشف زكريا حمزة، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للبورصة السلعية، أن هناك توجهًا نحو إعداد مشروع قانون جديد ينظم عمل البورصة، مستلهمًا من التجارب الدولية الناجحة، بالتوازي مع دراسة جادة للتحول إلى بورصة عقود آجلة، تقتصر على تداول السلع الغذائية والحاصلات الزراعية.
وأوضح حمزة أن هذا التحول يتطلب وضع إطار تشريعي واضح، مع إعادة تقييم السلع المتداولة وربطها باحتياجات السوق الفعلية، بما يُمكّن البورصة من استعادة دورها كمركز محوري في تنظيم تداول السلع بعيدًا عن الفوضى السعرية التي تشهدها الأسواق الحرة.
اتهامات بالفشل.. وتدخل عسكري في الإدارة
يأتي هذا التراجع بعد تقارير سابقة شككت في كفاءة البورصة السلعية، كان آخرها تقرير في ديسمبر 2023، أشار إلى فشل المنظومة في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في خفض الأسعار ومنع الاحتكار.
كما زادت الانتقادات حدة بعد اقتصار نشاطها على سلعة واحدة فقط، في وقت تتفاقم فيه أزمات الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار في الأسواق المصرية.
وفي تطوّر لافت، استحوذ جهاز "مستقبل مصر" التابع للقوات المسلحة، في يناير الماضي، على 52.6% من ملكية شركة "البورصة السلعية مصر"، ما منحه فعليًا حق الإدارة والتشغيل الكامل.
ووفق مصدر مطلع بوزارة التموين، فإن هذا التحوّل الإداري يهدف إلى "إعادة هيكلة البورصة وضمان فاعليتها في إدارة ملفات كبرى مثل استيراد القمح وتوفير السلع الاستراتيجية".