في 21 يونيو 2025، نفّذ الجيش الأمريكي ضربات منسّقة استهدفت منشآت نووية إيرانية، ما مثّل تحولًا كبيرًا في سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط. في مقال منشور عبر مؤسسة "بروكينجز"، ناقش مجموعة من الخبراء هذه الضربات وانعكاساتها على المستوى الإقليمي والدولي.
أدانت موسكو الضربات الإسرائيلية بشدة، لكنها عبّرت عن رفضها لضربات واشنطن بلهجة أقل حدة. لم تُشر القيادة الروسية إلى معاهدة الشراكة الاستراتيجية مع إيران الموقعة في يناير، وأظهرت رفضًا صريحًا لتقديم دعم مادي لطهران رغم استفادتها من المسيرات الإيرانية سابقًا. بوتين اقترح التوسط لحل النزاع، لكن ترامب رفض الفكرة، ولم تُسجّل المحادثة بين الطرفين في السجلات الرسمية. إيران، الغاضبة من موقف روسيا، لم تطلب وساطة، وإسرائيل رفضت قبول أي دور روسي.
انقسمت آراء الخبراء حول ما إذا كانت الضربات ستؤدي إلى انتشار نووي أوسع أو ستُضعف مساعيه. فريق توقّع أن تسعى إيران لتطوير سلاح نووي لحماية النظام، وأن تحاول دول كالسعودية السير على النهج ذاته. في المقابل، رأى آخرون أن الضربات أضعفت قدرات إيران النووية ورفعت ثقة الحلفاء في التزام أمريكا بالحماية، ما يقلّل من احتمالات امتلاكهم سلاحًا نوويًّا. النتيجة ستعتمد على مستقبل البرنامج النووي الإيراني، وإن اتجهت إيران للتصعيد أو التراجع.
اعتبر شاران جروال أن الضربات قلّلت من فرص التوصّل إلى اتفاق دبلوماسي. إيران رأت أن إسرائيل وأمريكا استغلتا المفاوضات للتمويه قبل الهجوم. تصريحات ترامب ونتنياهو بشأن تغيير النظام زادت من قناعة طهران بعدم وجود نية حقيقية للتفاهم، ما قد يدفعها إلى امتلاك قنبلة نووية لردع أي هجوم مستقبلي. عزلة إيران الدولية خلال الحرب، وضعف وكلائها الإقليميين، وعدم حصولها على دعم يُذكر من شركاء جدد مثل الجزائر وتونس، دفعها نحو مزيد من الاعتماد على الردع النووي.
رأت سامانثا جروس أن المخاوف من أزمة طاقة عالمية لم تتحقق، رغم أهمية مضيق هرمز لنقل النفط والغاز. إيران لم تملك القدرة ولا المصلحة في إغلاق المضيق، خاصة وأن أغلب صادراتها تمر عبره. أظهرت الأسواق النفطية عدم توقّعها لتصعيد واسع؛ إذ ارتفع سعر خام برنت بعد الضربة لكنه عاد للانخفاض بمجرد إعلان وقف إطلاق النار.
أشار رايان هاس إلى أن تايوان قد ترى في الضربات رسالة طمأنة عن التزام أمريكا بحماية حلفائها. لكنه حذّر من المبالغة في ربط الحالة الإيرانية بموقف الصين من تايوان. تركيز واشنطن على الشرق الأوسط وتحويل موارد عسكرية من المحيط الهادئ قد يثير تساؤلات في بكين حول مدى جدية التزاماتها تجاه تايوان.
رأت باتريشيا كيم أن ردود فعل الصين وروسيا وكوريا الشمالية على الضربات كشفت هشاشة ما يُعرف بـ"محور مقاومة الغرب". الصين أدانت الضربات لكنها لم تقدّم دعمًا حقيقيًّا لإيران، وروسيا اكتفت بالتصريحات، بينما ظلت كوريا الشمالية بعيدة عن المشهد. هذا يبرهن على أن هذه الدول متفقة على الخصومة مع الغرب، لا على تنسيق استراتيجي فعلي.
حلّلت إليزابيث ساندرز السياق السياسي المحيط بالضربات، مشيرة إلى أن طريقة اتخاذ القرار – دون تنسيق مع الكونجرس ومع تصريحات متضاربة من ترامب ووزير دفاعه – أثارت قلق الحلفاء والخصوم على حد سواء. هذا الغموض قد يُضعف صورة الولايات المتحدة كقوة مسؤولة.
أوضحت يون سون أن الصين تابعت النزاع بقلق، ليس بسبب قربه الجغرافي، بل خوفًا على استقرار إمدادات الطاقة. التهديد بإغلاق مضيق هرمز أزعج بكين، إذ تعتمد بشدة على نفط الخليج. امتناع إيران عن التصعيد طمأن الصين نسبيًّا.
رأت كايتلين تالميدج أن الضربات عزّزت التفوق العسكري الإسرائيلي، خاصة بعد سقوط نظام الأسد وتراجع قوة حماس وحزب الله. قد تسعى إسرائيل لتوظيف هذا التفوق في ترتيب جديد لغزة، لكن العلاقة مع السعودية قد تتوتر إن شعرت الأخيرة بالتهديد من هيمنة إسرائيلية.
وشدّد شبلي تلحمي على أن إيران لن تتعامل مع نفسها كطرف خاسر. رغم تدمير واسع للبنية التحتية، أظهرت طهران قدرات صاروخية تهدد إسرائيل والقواعد الأمريكية في الخليج. تمرير البرلمان الإيراني قانونًا يعلّق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية يعكس توجهًا تصعيديًّا قد يصل للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.
أشار أندرو ييو إلى أن الضربات وجّهت رسائل سلبية لبيونج يانج. كوريا الشمالية قد تزداد قناعة بأن التخلّي عن سلاحها النووي يجعلها عرضة للهجوم. كذلك، سحب بطاريات "باتريوت" من شبه الجزيرة الكورية ونقلها لإسرائيل أبرز محدودية قدرة واشنطن على التعامل مع أزمات متعددة في وقت واحد.
https://www.brookings.edu/articles/the-global-implications-of-the-us-strikes-on-iran/