قصفت إسرائيل يوم الإثنين مبنى هيئة الإذاعة الإيرانية أثناء البث المباشر، ما أثار جدلًا واسعًا.
هذا المبنى لم يكن جزءًا من البرنامج النووي الإيراني، بل كان مقراً لأجهزة دعائية تابعة للنظام، وقد بث عبر سنوات "اعترافات" معارضين كثيرين يُعتقد أنها انتُزعت تحت التعذيب.
ورغم تبرير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهجوم بأنه ضرورة لإيقاف اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي، تشير الأدلة إلى أن الهدف يتجاوز ذلك.

حملت العملية العسكرية الإسرائيلية اسم "الأسد الصاعد"، وهي تسمية ترمز للعلم الإيراني السابق للثورة، كثيرًا ما يستخدمه معارضو النظام.
استهدفت الغارات مواقع نووية ومراكز تابعة للحرس الثوري، وبعض التقارير أشارت إلى وجود خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي، عارضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
دعا نتنياهو الشعب الإيراني إلى إسقاط النظام، واصفًا الهجمات بأنها "فرصة للانتفاض".

يرى محللون أن أهداف الحملة الإسرائيلية تشمل إضعاف النظام أو إسقاطه، رغم أن المسؤولين يتجنبون التصريح بذلك علنًا.
الجنرال المتقاعد جيورا إيلاند، وهو مقرّب من الحكومة، اعترف بأن "تغيير النظام هو الحلم أو الأمل الضمني".
 

هل يمكن أن يسقط النظام الإيراني؟
   رغم العقوبات والضربات التي أضعفت شبكة حلفاء إيران في المنطقة، لا توجد مؤشرات قوية على انهيار وشيك للنظام.
لم تشهد طهران مظاهرات كبيرة منذ بدء الضربات، إذ انشغل الآلاف بالفرار من العاصمة خوفًا من التصعيد.

عبد الله مهتدي، زعيم كردي معارض في المنفى، أشار إلى مشاعر مختلطة بين مؤيديه، إذ يرى بعضهم في مقتل القادة المسؤولين عن القمع تطورًا إيجابيًا، بينما يخشى آخرون من فوضى طويلة الأمد قد تلي الحرب.
معارضون إيرانيون آخرون رفضوا دعوات نتنياهو للانتفاض، معتبرين أن القصف لا يخدم قضيتهم.

قالت إلي جيرانمايه، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن القصف قد يؤدي إلى "تكاتف حول النظام" بدلًا من إسقاطه، خاصة إذا تسبّب في مقتل مدنيين واستهداف بنية تحتية مثل المستشفيات والطاقة.
 

هل ترغب أمريكا فعلًا في حرب لتغيير النظام؟
   
إذا كان هدف إسرائيل الفعلي هو إسقاط النظام وليس مجرد كبح البرنامج النووي، فذلك يضع الإدارة الأمريكية أمام اختبار صعب.
إدارة ترامب السابقة اتخذت خطوات نحو ذلك من قبل، بانسحابها من الاتفاق النووي واغتيال قاسم سليماني، لكن حتى الآن لم تُظهر إدارة ترامب الثانية نفس الحماس.

في مايو، ألقى ترامب خطابًا في السعودية أدان فيه التدخلات العسكرية "الحمقاء" التي قادها المحافظون الجدد.
لكن بعد انطلاق الغارات الإسرائيلية، بدأ ترامب يغير موقفه، مطالبًا بـ"استسلام غير مشروط" للحكومة الإيرانية، ومهددًا باتخاذ خطوات أكبر.
مستشاروه السابقون مثل جون بولتون والسيناتور ليندسي غراهام عادوا للضغط من أجل تدخل أمريكي مباشر.

في المقابل، دعا نائب الرئيس جي دي فانس إلى التركيز على البرنامج النووي فقط، محذرًا من تكرار سيناريوهات كارثية مشابهة للعراق وليبيا.
 

كيف سيبدو "تغيير النظام" في إيران؟
   تاريخ محاولات "بناء الدول" بعد إسقاط الأنظمة لا يبشر بالنجاح. أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا كلها أمثلة على تدخلات خلفت فوضى وأزمات طويلة.
ومع ذلك، يعتقد إيلاند أن الشعب الإيراني يحمل ميولًا مؤيدة للغرب، وقد يتمكن من بناء مجتمع ناجح إذا أُزيح النظام الحالي.

يتمنى البعض في إسرائيل أن يبدو التغيير شبيهًا بما حدث في سوريا بعد سقوط الأسد — استقرار نسبي رغم العقبات. لكن ذلك السيناريو نفسه نتج عن حرب امتدت 13 عامًا وأسفرت عن مئات الآلاف من القتلى وأزمة لجوء عالمية.

يتوقع المحلل علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية أن يشهد المشهد الإيراني سيناريو أشبه بما حدث في العراق بعد حرب الخليج 1991: حكومة مركزية ضعيفة تفقد السيطرة على بعض المناطق، دون أن ينهار النظام بالكامل.

لا شيء محسوم. موقف ترامب يتغير سريعًا وقد يعود إلى نهج أكثر تحفظًا، خاصة إذا ضغطت الدول الخليجية الغنية وشركات النفط لتفادي حرب طويلة.
ورغم أن ترامب استخدم "نحن" في وصف العمليات الإسرائيلية، لم يُقحم الجيش الأمريكي حتى الآن، لكن ذلك قد يتغير إذا تعرضت المصالح الأمريكية لهجمات مباشرة.
وكما حذر الباحث أليكس فاتانكا، كراهية الشعب للنظام لا تعني أن التدخل الخارجي سيخلق دولة ناجحة — خاصة بعد تاريخ طويل من الفشل في مثل هذه المحاولات.

https://www.vox.com/world-politics/417111/israel-iran-nuclear-bomb-regime-change