وصف الكاتب ديفيد هيرست قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السماح لإسرائيل بمهاجمة إيران بأنه أسوأ خطأ يرتكبه رئيس أمريكي منذ غزو جورج بوش الابن للعراق، مشيراً إلى أن نتائجه قد تكون أكثر كارثية. رأى هيرست أن ترامب خان الثقة الدولية عندما أعطى الضوء الأخضر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشنّ الهجوم بينما كانت الوفود الأمريكية تتفاوض مع طهران.

اتهم الكاتب الإدارة الأمريكية بالتصرف كما لو كانت تدير كارتل مخدرات، لا قوة عالمية. أشار إلى أن الثقة في الولايات المتحدة تآكلت بشكل خطير، محذراً من أن أمريكا ستدفع لاحقاً ثمن هذا الانهيار في مصداقيتها. وأوضح أن ترامب وفريقه احتفلوا بالخداع الذي مارسه ضد الإيرانيين، حيث زوّد إسرائيل بصواريخ ومعلومات استخباراتية دقيقة مكّنتها من استهداف قادة إيرانيين في بيوتهم ومقراتهم.

انتقد الكاتب تصريحات ترامب الاستفزازية على منصته "تروث سوشيال"، التي طالب فيها الإيرانيين بالاستسلام والتفاوض، معتبراً إياها دليلاً على جهل كبير بتاريخ إيران وحجمها وتأثيرها.

ذكّر هيرست بما تعرّضت له إيران خلال حربها مع العراق بدعم غربي، حيث استخدم صدام حسين الأسلحة الكيميائية ضدها بمساعدة شركات ألمانية، في حين تجاهل الغرب الفظائع. وصف هذا الصراع بأنه التجربة التي شكّلت العقيدة الدفاعية الإيرانية القائمة على تعظيم قدراتها الصاروخية وبناء شبكة حلفاء تمتد من المتوسط حتى حدودها الشرقية.

أكد أن الهجوم الحالي يعكس قراءة إسرائيلية خاطئة لضبط النفس الإيراني، مشيراً إلى أن طهران وحزب الله حرصا على عدم التصعيد بعد هجوم 7 أكتوبر، لكن اعتُبر ذلك ضعفاً شجّع نتنياهو على التصعيد.

رأى هيرست أن إسرائيل تخوض هذه المرة حرباً مختلفة، ضد دولة حقيقية تملك عمقاً استراتيجياً وقدرات نووية مدفونة تحت الأرض، وخيارات كثيرة للرد، منها إغلاق مضيق هرمز الحيوي، فضلاً عن تحالفات مع روسيا والصين.

تحدث الكاتب عن احتمال طلب إيران من موسكو تزويدها بمنظومات دفاع جوي مثل S-400، خاصة بعدما تباهى الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على الأجواء الإيرانية. أشار إلى تدهور العلاقة بين بوتين ونتنياهو، مرجّحاً ألا تسمح روسيا بخسارة إيران بعد خسارتها الأسد في سوريا، خاصة مع إشارات روسية سابقة لاتهام الغرب بالضلوع في هجمات على أراضيها.

دعا هيرست نتنياهو إلى التفكير في سيناريو حرب طويلة المدى، متسائلاً: ماذا لو لم تستسلم إيران بعد أسبوعين؟ ماذا عن دول الخليج التي أنفقت تريليونات على شراء الأسلحة من أمريكا ظناً أنها اشترت الحماية؟ حذّر من احتمال توسّع النيران لتطال منشآت النفط والغاز في الخليج، خاصة بعد استهداف إسرائيل منشآت إيرانية، ورد طهران بقصف مصافي النفط في حيفا.

أشار إلى أن إسرائيل بدأت تشعر بما عاشه سكان غزة ولبنان، بعد تعرّض مناطق في وسطها لصواريخ إيرانية، وهو ما أزال وهم "التحصين المطلق". نبّه إلى أن تكرار الضربات قد يدفع نتنياهو إلى محاولة جرّ أمريكا للحرب عبر هجوم مزيف على قاعدة أمريكية.

فيما يتعلق بالملف النووي، شدد هيرست على أن الهجوم قد يُعد أكبر محفّز يدفع إيران إلى تصنيع سلاح نووي، لأن تدمير دفاعاتها التقليدية لن يردعها بل سيزيد من اعتمادها على الردع النووي. شبّه الوضع بحالة روسيا حين أوشكت على فقدان القرم، فهدد بوتين باستخدام سلاح نووي تكتيكي.

اختتم الكاتب بالتحذير من أن الحسابات الأمريكية الإسرائيلية خاطئة تماماً، وأن هذا التصعيد قد يجعل من إيران "كوريا شمالية الخليج"، ويؤدي إلى رفع ثمن أي اتفاق نووي مستقبلي بشكل غير مسبوق.

https://www.middleeasteye.net/opinion/allowing-israel-bomb-iran-trump-pushing-tehran-go-nuclear