أعلن البنك المركزي طرح أذون خزانة دولارية لأجل عام بقيمة 450 مليون دولار، لتحل محل إصدار سابق بقيمة 500.6 مليون دولار، بمتوسط عائد بلغ 5.149%. وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة متلاحقة من الطروحات الحكومية لسد العجز المتصاعد في الموازنة العامة.

الأذون الدولارية ليست الطرح الوحيد خلال هذا الأسبوع، فيما طرح البنك المركزي أمس الأحد أذون خزانة بالجنيه المصري بقيمة 50 مليار جنيه لآجال 91 و273 يومًا، كما يعتزم اليوم الإثنين طرح سندات خزانة ثابتة ومتغيرة العائد بقيمة 24.5 مليار جنيه، تشمل آجالًا تمتد من عامين إلى خمسة أعوام، وبعوائد نصف سنوية وثلاثية.

 

أسعار فائدة مرتفعة.. وإقبال رغم التكلفة

في آخر عطاءات الأسبوع الماضي، باع البنك المركزي سندات خزانة بقيمة 22.69 مليار جنيه بآجال بين عامين وخمسة أعوام، رغم تسجيل متوسطات عوائد مرتفعة، بلغت 22.35% للسندات ذات الأجل لعامين، و21.77% لثلاثة أعوام، و19.25% لخمسة أعوام. أما على مستوى الأذون قصيرة الأجل، فقد سجلت عوائد تراوحت بين 28.03% لثلاثة أشهر و26.59% لتسعة أشهر.

وتُظهر هذه الأرقام تزايد اعتماد الحكومة على أدوات الدين مرتفعة العائد، رغم تأثيرها السلبي على تكاليف خدمة الدين، مما يطرح تساؤلات حول جدوى الاستمرار في هذه السياسة على المدى الطويل.

 

خفض الفائدة رغم توسع الاقتراض

وفي مفارقة لافتة، قرر البنك المركزي الشهر الماضي خفض أسعار الفائدة بنسبة 1%، وذلك للمرة الثانية في فترة وجيزة بعد خفض سابق قدره 2.25%، في إطار ما يسمى بسياسة "التيسير النقدي". ويثير هذا التوجه تساؤلات حول مدى اتساق السياسات النقدية والمالية، في ظل اعتماد حكومي مفرط على أدوات دين قصيرة وطويلة الأجل بعوائد مرتفعة.

 

فجوة تمويلية تقترب من 70 مليار دولار

تتوقع الحكومة  أن ترتفع الفجوة التمويلية في مشروع موازنة العام المالي 2025/2026 إلى 3.6 تريليونات جنيه، بزيادة تتجاوز 25% مقارنة بالعام المالي الجاري. ومن المنتظر أن تغطي وزارة المالية هذه الفجوة من خلال طروحات ضخمة لأدوات الدين المحلي، تشمل أذون خزانة بقيمة 2.2 تريليون جنيه وسندات خزانة بنحو 928.9 مليار جنيه.

 

وعود بخفض الدين.. وأعباء حقيقية تتزايد

رغم التوسع المتواصل في الاقتراض، تؤكد الحكومة في خططها أنها تستهدف خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 80% بنهاية يونيو 2026، مع تقليص الدين الخارجي بما بين مليار وملياري دولار سنويًا. ووفقًا لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، فإن المؤشرات قد تشهد تحسنًا حتى العام المالي 2027/2028، وقد ينخفض الدين الحكومي إلى 50.2% من الناتج المحلي بحلول 2033/2034، لكن تلك التقديرات تعتمد على استمرار الالتزام بسياسات مالية صارمة وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

 

توسع في الاقتراض.. لكن إلى متى؟

تعكس الطروحات الأخيرة حجم الضغوط المتزايدة على الموازنة المصرية، في ظل التزامات متنامية تجاه دعم الرعاية الاجتماعية ومواصلة الإنفاق على البنية التحتية وسط ظروف اقتصادية محلية وإقليمية غير مستقرة. ومع بقاء الدين العام في مستويات حرجة، يظل السؤال مفتوحًا: إلى متى تستطيع الحكومة مواصلة هذه السياسة دون كلفة باهظة على الاقتصاد والمجتمع؟