سلطت الذكرى السنوية لحرب غزة التي وقعت قبل خمسة أعوام الضوء على الدور الحاسم الذي لعبته الاستخبارات الإسرائيلية في توجيه العمليات العسكرية. كشف تقرير نشره موقع ميدل إيست مونيتور، نقلاً عن صحيفة فلسطين في 29 ديسمبر 2013، كيف اعتمدت إسرائيل بشكل كبير على المعلومات التي جمعها جهاز "الشاباك" لتقليل خسائرها في حرب "الرصاص المصبوب" عام 2008-2009.
اعتمدت القوات الإسرائيلية على المعلومات الاستخباراتية التي وفرها عملاؤها داخل قطاع غزة لتحديد مواقع المقاومين الفلسطينيين وخططهم. واستخدم الضباط هذه المعلومات لطلب غارات جوية أو تعزيزات أو لمحاصرة مجموعات المقاومة. رغم ذلك، عبّر مسؤولو "الشاباك" و"أمان" عن استيائهم لأن استخدام المعلومات بهذا الشكل فضح مصادرها، مما أدى إلى تصفية عدد من العملاء على يد المقاومة. برر القادة العسكريون هذا السلوك بضرورة حماية الجنود وتقديم حياتهم على حياة العملاء.
استخدمت إسرائيل أساليب نفسية موجهة، فألقت منشورات على المناطق المأهولة تهدد بتصعيد الهجمات، وواصلت القصف الذي خلّف قتلى وجرحى ودمارًا واسعًا. تلقى الفلسطينيون أيضًا مكالمات هاتفية تهددهم بعواقب وخيمة إذا عُثر على أسلحة في منازلهم. طالبتهم بإخلاء بيوتهم في المناطق القريبة من الحدود والتوجه إلى مراكز المدن، في محاولة لعزل المقاومة عن محيطها الشعبي.
بالتوازي مع الحرب، ظهرت أصوات إعلامية داخل إسرائيل، خصوصًا بين المراسلين العسكريين، تنتقد القيود التي فرضها المتحدث العسكري، حيث مُنع الإعلام من نقل الصورة الحقيقية لما يجري في غزة. تواطأت وسائل الإعلام العبرية مع الحظر الرسمي، ما ساهم في تغذية الرواية الرسمية وتشجيع التجنيد.
صادرت القوات هواتف الجنود داخل القطاع لمنع تسريب صور أو رسائل حول الخسائر والمعارك، وهو ما اعتبرته الرقابة العسكرية تهديدًا مباشرًا. في الوقت نفسه، استخدمت القيادة العسكرية الإعلام كأداة لنشر معلومات مشوشة تهدف إلى صرف نظر المجتمع الدولي، عبر التركيز على معاناة المستوطنين قرب غزة الذين استُهدِفوا بصواريخ المقاومة.
طلب المسؤولون الأمنيون من تقنيين حجب قنوات فضائية عربية، خاصة "الجزيرة"، واتهموها بالتحريض على الاحتلال وبث الإحباط في صفوف الجنود والسكان الإسرائيليين. توجهوا إلى المجلس المسؤول عن البث الفضائي بطلب منع بث تلك القنوات أثناء الحرب.
فرضت السلطات رقابة مسبقة على تغطية العمليات، ومنعت الصحفيين المحليين والأجانب من دخول غزة، ما حرم العالم من تغطية ميدانية حقيقية. جندت إسرائيل فريقًا إعلاميًا مدربًا جيدًا للترويج لروايتها. استفادت من التجارب السابقة في تطوير أدوات الاتصال والعلاقات العامة، وحرصت على الوصول إلى الدبلوماسيين الأجانب لضمان تبني وجهة نظرها.
وقبل أيام من بدء الحرب، أطلقت إسرائيل حملة إعلامية أمام السفراء الأجانب، محذرة من نفاد صبرها تجاه "الهجمات الفلسطينية". قادت متحدثيها الرسميين إلى المناطق الحدودية، برفقة ممثلي عشرات الدول، في جولة تهدف لتأطير الصراع وفق منظورها.
https://www.middleeastmonitor.com/20140124-gaza-war-commemoration-reveals-israeli-intelligence-efforts/