اقتحم أكثر من 2000 مستوطن يهودي المسجد الأقصى المبارك، أمس الاثنين، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، وأدّوا طقوسًا تلمودية، ورفعوا الأعلام الإسرائيلية، وذلك تزامنًا مع ما يُعرف إسرائيليًا بـ"يوم توحيد القدس".

ورصدت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس اقتحام 2092 مستوطنًا، مقارنة بـ1601 في نفس المناسبة عام 2024، و1262 في عام 2023، ما يشير إلى تصاعد متسارع في حجم الانتهاكات بحق المسجد الأقصى، الذي لا تزال سلطات الاحتلال تسيطر على مفاتيح "باب المغاربة" المؤدي إليه منذ عام 1967.
 

"سجود ملحمي" وشالات دينية في ساحات الأقصى
   شهد المسجد الأقصى خلال فترتي الاقتحام الصباحية والمسائية، مشاهد وُصفت بالاستفزازية والخطيرة، حيث أدى المستوطنون طقوسًا تلمودية من بينها "السجود الملحمي"، وهو طقس ديني يقوم فيه الشخص بالانبطاح الكامل على الأرض، في إشارة إلى أقصى درجات الخضوع، وسط حماية مشددة من الشرطة الإسرائيلية.

كما أدخل المستوطنون أدوات وشعائر دينية مثل "الشال اليهودي" المعروف بـ"طاليت"، و"التفلين" (لفائف صلاة سوداء توضع على الجبهة والذراع)، وهو ما كانت قد طالبت به جماعات يهودية متطرفة في عريضة رفعتها لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قبل شهر، بهدف السماح "بعبادة يهودية كاملة" داخل المسجد.

وفي مشاهد وُثقت بالصوت والصورة، رفع مستوطنون الأعلام الإسرائيلية داخل ساحات المسجد، ورقصوا وغنّوا بشكل استفزازي في نقاط مختلفة من باحاته، فيما تعرض العديد من الفلسطينيين، من بينهم تجار وصحفيون، للاعتداء اللفظي والجسدي، بما في ذلك الشتم والبصق.
 

بن غفير يقود الاقتحام: "نحن هنا لنصلي ونشكر الله على الانتصار"
   في تحدٍ سافر للمقدسات الإسلامية والمجتمع الدولي، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى، صباح أمس الاثنين، برفقة خمسة من أعضاء الكنيست، وقال في تصريحات علنية أثناء اقتحامه: "من الجميل أن نرى اليهود يصلون ويسجدون هنا.. نحن نشكر الله على هذا اليوم"، مضيفًا أن "الصلاة هنا من أجل المخطوفين والنصر في الحرب".

بن غفير، المعروف بمواقفه المتطرفة، وجّه أيضًا رسالة دعم لرئيس جهاز الشاباك الجديد، متمنيًا له "النجاح في سحق الأعداء والتمييز بين الحبيب والعدو".

وفي ظل الاقتحام، اعتدت قوات الاحتلال بالضرب على عدد من حراس المسجد الأقصى، وأبعدتهم قسرًا عن ساحاته، ونشرت أكثر من 200 عنصر من وحداتها الخاصة لتأمين دخول المستوطنين.
 

مسيرة "رقصة الأعلام": زحف استيطاني واعتداءات على الفلسطينيين
   مع إغلاق باب المغاربة وانتهاء الاقتحامات، تحوّلت الأنظار إلى "مسيرة رقصة الأعلام"، التي شارك فيها عشرات الآلاف من المستوطنين في شوارع البلدة القديمة بالقدس.
وقد بدأ الحشد في منطقة باب العمود، ثم اجتاح المستوطنون الأزقة المؤدية إلى ساحة البراق حيث جرى "الاحتفال المركزي".

وأجبرت قوات الاحتلال الفلسطينيين على إغلاق متاجرهم في البلدة القديمة، وفرضت طوقًا أمنيًا مشددًا لتأمين المسيرة، التي توصف بأنها واحدة من أكثر المناسبات الاستفزازية للمقدسيين، وتشكل رمزًا لتكريس السيطرة الإسرائيلية على المدينة المقدسة.
 

تحذيرات من انفجار الوضع وتصعيد غير مسبوق
   الشيخ عكرمة صبري، إمام وخطيب المسجد الأقصى، حذّر من تصعيد غير مسبوق في الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والقدس عمومًا، معتبرًا أن ما يحدث هو "محاولة لفرض واقع جديد بالقوة".
وأكد أن "اليمين المتطرف هيمن على حكومة الاحتلال، ويمضي قدمًا في سياسة الاقتحام وتغيير الهوية الإسلامية للمدينة".