نشرت مها الحسيني تقريرًا على موقع ميدل إيست آي يروي مأساة الطفلة الفلسطينية لانا الشريف، التي لم تتجاوز الثامنة من عمرها عندما بدأت حرب إسرائيل على غزة.
وبعد 19 شهرًا، عرفها الجميع في مخيم النزوح باسم "الطفلة المسنة"، بعد أن غزا الشيب شعرها وظهرت بقع بيضاء على بشرتها، نتيجة إصابتها بالبُهاق عقب نوبة هلع حادة تسببت بها غارة إسرائيلية على حيّها في يناير 2024.
هاجم الخوفُ لانا بعنف، فارتجفت وتشنجت لساعات، واضطرت أسرتها لنقلها إلى المستشفى حيث بقيت ليلة كاملة وهي ترتجف، رغم توقف القصف.
وبعد يومين فقط، ظهرت أول بقعتين بيضاوين على وجهها.
قبل هذه الحرب، كان تسعة من كل عشرة أطفال في غزة يعانون أصلًا من اضطراب ما بعد الصدمة، نتيجة الهجمات المتكررة.
وقدّرت منظمة يونيسف في يونيو 2024 أن جميع أطفال غزة تقريبًا، وعددهم 1.2 مليون، بحاجة إلى دعم نفسي عاجل.
أعاد والدها خليل الشريف اصطحابها إلى المستشفى بعد ظهور البقع الأولى، فوصف الأطباء لها مراهم وأدوية، لكن حالتها تدهورت مع مرور الوقت.
بدأت البقع تنتشر على وجهها ثم غطت جسدها بالكامل، وتحول لون شعرها تدريجيًا إلى الرمادي خلال الأشهر الستة الأخيرة.
راجعت الأسرة أطباء عدة دون جدوى، إذ لم تُجدِ الأدوية في ظل استمرار القصف الذي يعيد نوبات الهلع إلى لانا باستمرار.
رغم صعوبة التواصل، نجح الوالدان بعد جهد كبير في الوصول إلى وفد طبي فرنسي وأمريكي دخل غزة ثلاث مرات بين يناير 2024 و2025.
أكد الأطباء الأجانب التشخيص: البُهاق ناجم عن صدمة ونوبة هلع شديدة، وأوصوا بعلاج خاص وجلسات ليزر لا تتوفر إلا في الخارج.
لكن محاولات خليل لتسجيل لانا ضمن قوائم التحويل الطبي باءت بالفشل.
أبلغه الأطباء أن وزارة الصحة تركز حاليًا على حالات السرطان وأمراض القلب، وأن حالة ابنته لا تُصنّف من بين الأكثر إلحاحًا.
بلغ عدد المرضى المحتاجين للعلاج في غزة، بحسب مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية، نحو 20 ألفًا، بينهم 12 إلى 14 ألفًا بحاجة ماسة للإخلاء للعلاج خارج القطاع.
ومع إغلاق معبر رفح في مايو 2024، لم يُسمح سوى لحوالي 500 حالة طبية بالمغادرة، رغم أن عدد الأطفال المحتاجين للإخلاء الطبي وصل إلى 4,500 طفل بحلول مارس 2025.
واجهت الأسرة عجزًا شديدًا في توفير العلاج، إذ اختفى أكثر من نصف الأدوية التي وصفها الأطباء من الأسواق والصيدليات، وبلغ النقص في الأدوية الأساسية 37%، وأدوية السرطان 54%، والمستلزمات الطبية 59%، وفق وزارة الصحة.
في محاولة يائسة للتخفيف من حالتها، أحال الأطباء لانا إلى جلسات دعم نفسي مجانية.
لكن هذه الجلسات تطلبت تنقلاً مكلفًا في ظل نقص الوقود وندرة سيارات الأجرة، ما أجبر الأب على الاقتراض لتأمين المواصلات.
ومنذ نزوح الأسرة من رفح إلى خانيونس، لم تغادر لانا خيمتها إلا نادرًا.
يطاردها خوف القصف، ويثقل كاهلها تنمّر من حولها.
تسألها الجارات: "لماذا شعرك رمادي مثل العجائز؟"، فتشعر بالحزن وتبكي.
تقضي لانا، الوحيدة بين شقيقين، معظم وقتها في العزلة، ترسم وتبكي.
يحاول والدها التخفيف عنها، يجلس بجانبها ويلعب معها ويقول إنها أجمل من صديقاتها، لكنها تعلم أن شيئًا ما تغيّر.
قالت لانا لموقع ميدل إيست آي: "ما زلت خائفة من القصف. لا أستطيع التعود على صوته. صار الصوت أعلى في الخيمة. أكثر ما يخيفني نظرات الناس... حين يسألونني لماذا شعري رمادي، أشعر بالحزن... وأبكي".
https://www.middleeasteye.net/news/elderly-child-trauma-israeli-bombing-turns-gaza-girls-hair-grey