في تقرير نشره المجلس الأطلسي، أوضحت كاثرين والا أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحالية إلى الشرق الأوسط تختلف جذريًا عن أي زيارة رئاسية سابقة. لا تُقاس هذه الزيارة بالدبلوماسية التقليدية أو باتفاقيات السلام أو مبيعات الأسلحة، رغم أن ترامب رفع العقوبات عن القيادة السورية، وحثّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على الانضمام إلى اتفاقيات إبراهام، ووافق على صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار مع الرياض.

ركّز ترامب هذه المرة على استقطاب استثمارات بمئات المليارات من الدول الخليجية إلى الولايات المتحدة، أبرزها 600 مليار دولار من السعودية وحدها. تطمح الإمارات والسعودية إلى رفع القيود الأمريكية على توريد شرائح أشباه الموصلات المتقدمة، ويأمل ترامب في التفوق على الصين في بناء علاقات أوثق مع دول الخليج، رغم أن بكين لا تزال المستورد الأكبر للنفط الخليجي.

لم تختفِ تهديدات الأمن أو الجهود الدبلوماسية في المنطقة، فالحرب مستمرة في غزة، وأُفرج مؤخرًا عن الرهينة الأمريكي إيدان ألكساندر، وهناك محادثات جديدة بشأن برنامج إيران النووي. كما يسعى ترامب لإيجاد مسار نحو تطبيع سعودي إسرائيلي، بالإضافة إلى التقدم في اتفاق نووي مدني مع المملكة.

لكن مصادر مطّلعة على تخطيط الرحلة أكدت أن التركيز الرئيسي انصبّ على عقد الصفقات. تُفضّل إدارة ترامب تدفق الاستثمارات الخليجية على الانخراط في مشاكل المنطقة المعقدة.

خلال خطاب له في الرياض، قال ترامب: "جيل جديد من القادة يتجاوز الصراعات القديمة ويُعيد تشكيل الشرق الأوسط، ليصبح مركزًا للتجارة لا الفوضى، ومصدرًا للتكنولوجيا لا الإرهاب، ومكانًا تبنيه شعوبه معًا بدلًا من أن يهدمه بعضهم على بعض".

هذا السباق على الأموال الخليجية يدخل في صلب المواجهة التجارية والتكنولوجية مع الصين. رغم التفاهم المؤقت الذي خفّض الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين، لا تزال الهيمنة التقنية أولوية أمريكية.

أحد أبرز التطورات جاء بإلغاء ترامب لما يُعرف بـ"قاعدة نشر الذكاء الاصطناعي" التي فرضتها إدارة بايدن، والتي قيدت تصدير الشرائح المتقدمة لدول مثل الإمارات والسعودية والهند وإسرائيل والمكسيك، خشية تسربها إلى الصين.

أشارت نيويورك تايمز إلى احتمال إبرام صفقة مع شركة G42 الإماراتية، المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، والتي قطعت علاقاتها مع الصين لبدء شراكات مع شركات أمريكية. الصفقة قد تشمل توريد مئات الآلاف من شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

كما كشفت واشنطن عن اتفاق مع السعودية لبناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي باستخدام شرائح من شركة نيفادا، ضمن خطة بقيمة 5 مليارات دولار بين شركة "هيومن" السعودية وأمازون لبناء "منطقة ذكاء اصطناعي" في المملكة.

السعودية والإمارات طالبتا واشنطن بإنهاء القيود إذا أرادت أمريكا أن تبقى شريكهما الأول في مجال التقنية. الخيار الآن بات واضحًا: بدلاً من محاولة حرمان الصين من التكنولوجيا، على أمريكا أن تتقدم عليها بجيلين أو أكثر.

تدلّ تحركات ترامب على جديته، ورغم أنه لا يزال يسعى لإبرام اتفاقات حول غزة وإيران، إلا أن الأولوية باتت لعقد صفقات الذكاء الاصطناعي والاستثمار، التي تبدو أكثر قابلية لأن تتحقق هذا الأسبوع.
 

https://www.atlanticcouncil.org/content-series/inflection-points/trumps-remarkable-middle-east-tour-is-all-about-striking-megadeals-and-outfoxing-china/