شهدت محافظة بني سويف عملية احتيال ضخمة راح ضحيتها عشرات المواطنين، بعد أن تمكن شخص من جمع أكثر من 1.2 مليار جنيه بزعم توظيف الأموال في مجال الرخام والجرانيت، قبل أن يفر هاربًا إلى إحدى دول الخليج، تاركًا خلفه عائلات مكلومة ومدخرات ضائعة، وسط صمت أمني يثير التساؤلات.
القضية التي تصدّرت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، بدأت في قرية ميدوم التابعة لمركز الواسطى، حيث استغل المدعو "م. ح. س" سمعته كصاحب ورشة رخام بمنطقة شق التعبان بالقاهرة، ليعرض على أهالي منطقته فكرة "استثمار آمن" تعود عليهم بعوائد خيالية.
روّج المتهم لاستثماراته باعتبارها فرصة ذهبية، عارضًا فوائد شهرية تصل إلى 120 ألف جنيه عن كل مليون جنيه يتم إيداعه، أي ما يعادل مكسبًا سنويًا يقارب 1.44 مليون جنيه، وهو ما أغرى العديد من الطامحين لتحقيق الثراء السريع.
"الثقة المميتة"... كيف جمع المليار؟
بثقة شديدة، مدعومة بعلاقات اجتماعية قوية داخل قريته والمناطق المجاورة، تمكّن المستريح من إقناع العشرات من المواطنين، بينهم موظفون، تجار، ربات بيوت، وأصحاب أراضٍ زراعية، بتسليمه مدخراتهم وحتى بيع ممتلكاتهم من أجل الاستثمار معه.
وبحسب شهادات الضحايا، لم يكن لدى أحد أدنى شك في نوايا الرجل، خاصة بعد أن بدأ بتوزيع أرباح منتظمة لعدة شهور، قبل أن تتوقف بشكل مفاجئ، تبعها اختفاؤه الكامل وسفره المفاجئ إلى الخارج، تاركًا خلفه أكثر من 50 بلاغًا رسميًا تم تحريرها ضده، مع توقعات بارتفاع العدد خلال الأيام المقبلة.
أين الدولة؟
رغم البلاغات العديدة والمبالغ الضخمة المنهوبة، لم تُعلن وزارة الداخلية عن أي تحرك جاد حتى الآن، ولم يصدر بيان رسمي يوضح الخطوات التي تم اتخاذها لملاحقة المتهم أو استرداد أموال المواطنين.
مصادر محلية تحدثت عن حالة من الاحتقان الشعبي في القرى المتضررة، مشيرة إلى أن الغضب لا يقتصر فقط على ضياع الأموال، بل يمتد إلى شعور عام بالتجاهل من قبل الدولة، التي تعتبر هذه الواقعة مجرد رقم جديد في سجل طويل من قضايا النصب التي لم تُحلّ.
ظاهرة "المستريحين": أزمة ثقة تتفاقم
تتكرر ظاهرة "المستريحين" في مختلف المحافظات، وغالبًا ما تنتهي بهروب الجناة دون حساب، ما يعكس أزمة ثقة متصاعدة بين المواطنين والدولة، خاصة في ظل غياب الرقابة المالية الصارمة، وعدم وجود آليات فعالة لتوظيف الأموال بشكل قانوني وآمن، وانشغال الأجهزة الأمنية بملاحقة المعارضين بدلاً من حماية المواطنين من النصابين.