تعكس سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الخارجية، المستندة إلى مبدأ "أمريكا أولاً"، نهجًا أحاديًا يقوم على الصفقات ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. دعم إسرائيل على حساب الفلسطينيين، واقتراح تهجير سكان غزة بالقوة، وتعزيز التطبيع من دون أساس عادل، كلها عناصر عمّقت الانقسام وأضعفت التعاون الإقليمي.

روّج ترامب لفكرة الحلول الجزئية دون رؤية شاملة، فتضاربت أولوياته: دعم هيمنة إسرائيل الإقليمية مع السعي لإنهاء الحرب في غزة، أو التفاوض مع إيران في وقت يدفع فيه نحو تحالف موسع يضم السعودية. هذه التناقضات خلقت أجندة مشتتة وغير منسجمة.

دفع ترامب نحو ضم الضفة الغربية المحتلة، وألمح إلى سيطرة إسرائيلية على غزة، ما يهدد اتفاقيات التطبيع في إطار "اتفاقات أبراهام"، وقد يؤدي إلى نسف معاهدتي السلام مع مصر والأردن. تجاهل القانون الدولي وحق الفلسطينيين في تقرير المصير يعزز خطر انفجار أوسع.

رفض القادة العرب بشكل قاطع فكرة تهجير الفلسطينيين، وأكدوا أن لا تطبيع دون دولة فلسطينية. لكن رؤية ترامب القائمة على المكاسب السريعة أدت إلى تآكل الثقة، وشجعت الاضطراب الاجتماعي، وأضعفت التحالفات الأمريكية التقليدية.

تصرفت إدارة ترامب كأن الحلفاء عبء، لا أصول استراتيجية، وفضّلت التواصل مع خصوم مثل روسيا والصين على حساب شركاء تقليديين. في عالم متعدد الأقطاب، غابت عن سياسة ترامب عناصر أساسية كالشراكات الاستراتيجية وبناء التحالفات.

طرح ترامب فكرة اتفاق نووي جديد مع إيران، لكنه استخدم خطابًا متقلبًا وقسريًا. تجاهل أطرافًا فاعلة كالصين وأوروبا وأصرّ على التعامل عبر إسرائيل فقط. هذا النهج الثنائي دون توافق دولي يهدد بإعادة أخطاء الماضي وإضعاف النفوذ الدبلوماسي.

بدل معالجة جذور الصراع، استخدم ترامب تكتيكات قصيرة الأجل تثير الغضب وتعرقل التعاون. مثّل دعمه لإسرائيل وتجاهله للحقوق الفلسطينية سببًا في غضب شعبي عربي وعدم استقرار سياسي. ورغم رفضه ضرب منشآت إيران النووية، حافظ على لهجة تهديد عسكري.

قوّضت قراراته، مثل تقليص البعثات الدبلوماسية، ووقف المساعدات، وتعليق البرامج التنموية، أدوات الاستقرار الأساسية. جمد مساعدات للعراق وسوريا واليمن، ومنع استيراد الكهرباء الإيرانية للعراق، وأعاد تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، ما فاقم الأزمات الإنسانية.

تجاهلت إدارته جهود الانخراط الدبلوماسي مع حكومة سوريا الجديدة، رغم استعدادها لمواجهة النفوذ الإيراني ومحاربة الإرهاب. هذا الغياب الأمريكي خلق فراغًا استغلته جماعات متطرفة.

في غزة، سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإطالة أمد الحرب من أجل إرضاء تحالفه اليميني المتطرف، وتجنب المساءلة بشأن هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023. حتى المعارضة الإسرائيلية وأهالي الأسرى اتهموه باستخدام الحرب للبقاء في السلطة.

أثارت تصريحات ترامب بشأن التهجير دعمًا لسياسات نتنياهو المتطرفة، مما قد يؤدي إلى صدام مع الأردن الذي يرفض استقبال لاجئين فلسطينيين. أعاق نتنياهو جهود توسيع اتفاقات أبراهام لتشمل السعودية، وتجاهل محاولات التهدئة من مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف.

غابت أي ضغوط أمريكية على إسرائيل، فاستمرت المعارك وتعطلت المساعدات وبقي الأسرى في الأسر. أدى دعم واشنطن غير المشروط للجرائم الإسرائيلية إلى تصاعد الغضب وتغذية السردية القائلة بأن أمريكا تشكل تهديدًا وجوديًا، ما يفتح المجال أمام عودة الجماعات المسلحة.

يتعامل كل من ترامب ونتنياهو مع التوسع كحق إلهي، ويصوران الصراع الفلسطيني كصدام حضارات. تغذّي هذه النظرة صراعات وجودية لا تقبل التسوية، وتؤدي إلى دوامات عنف.

في النهاية، يدفع ترامب ونتنياهو بلديهما نحو قومية عرقية عدوانية تمنح الامتيازات لفئة محددة: المحافظين البيض في أمريكا واليهود في إسرائيل. هذه الرؤية الإقصائية تشكل تهديدًا خطيرًا للمنطقة والعالم بأسره.

https://www.middleeasteye.net/opinion/trump-netanyahus-self-serving-vision-could-set-world-ablaze-how