بدأت السلطات بتنفيذ أعمال إزالة لسور وحدائق قصر القبة التاريخي ومحيط ميدان حدائق القبة بالقاهرة، بزعم توسعة الطريق وإنشاء كوبري جديد، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا واستياءً شعبيًا،
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا وفيديوهات لأعمال الهدم، وسط تحذيرات من خطورة طمس أحد آخر المشاهد الجمالية والتراثية في العاصمة، وتحوّلها إلى مدينة خرسانية بلا ذاكرة.
قصر القبة.. من التحف المعمارية إلى حدود “السبوبة”
بُني قصر القبة في أواخر القرن التاسع عشر، وتحديدًا في عهد الخديوي إسماعيل، ليكون أحد أبرز المعالم المعمارية في مصر. يمتد القصر على مساحة تقارب 190 فدانًا، وتحيط به حدائق نادرة ومميزة من الناحية التاريخية والنباتية.
ورغم مكانته الملكية، حيث استُخدم كمقر لاستضافة كبار الزوار من ملوك ورؤساء، وأقيمت فيه حفلات ملكية تاريخية، بات القصر اليوم مهددًا بعزلة عمرانية تفصله عن محيطه التاريخي.
“توسعة لا داعي لها”.. غضب شعبي وتشكيك في الدوافع
تحت وسم #قصر_القبة و#حدائق_القبة، اجتاحت مواقع التواصل تعليقات غاضبة من سكان المنطقة والمهتمين بالتراث، وكتب سام يوسف: "التتار العسكريين الذين يحكموا مصر وصلوا إلى حدائق قصر القبة التاريخ الخارجية في القاهرة بحجة توسيع الطريق (سبوبة)، والطريق هناك لا يحتاج إلى أى توسعة بالفعل و لا يحتاج كباري ولا أكشاك تحتها".
https://x.com/drhossamsamy65/status/1921874401634492763
بينما علّقت صفحة حدائق القبة: "ازالة الجناين اللي حوالين قصر القبة لتوسعة الطريق ، اخر منظر جمالي في المنطقة تقريباً ، حاجة تحزن بصراحة".
https://www.facebook.com/watch/?v=1590204704999418
ويؤكد الأهالي أن الشارع الرئيسي حول ميدان حدائق القبة لا يعاني من أي اختناقات مرورية تبرر هذا النوع من المشاريع، ويصفون ما يجري بأنه أقرب إلى "صفقة استثمارية" تهدف للاستفادة من الموقع المميز للأرض أكثر من كونه مشروعًا لتحسين حركة المرور.
تصريحات رسمية تفتقر للتفاصيل
محافظة القاهرة بدورها أصدرت تصريحات مقتضبة، أكدت فيها أن الأعمال تأتي ضمن "مشروعات التطوير وتحسين المرور"، وأنها "لا تمس المباني التراثية". لكنها لم توضح حتى الآن تفاصيل الخطة، أو مصير الحدائق والنباتات النادرة، ولا الآليات التي تضمن حماية القصر ومحيطه من التأثيرات العمرانية الجديدة.
بين التطوير والطمس: سيناريوهات تتكرر
يرى خبراء في العمارة والتخطيط أن ما يجري في قصر القبة ليس حالة استثنائية، بل يأتي ضمن موجة واسعة من الإزالات التي طالت مؤخرًا مقابر الإمام الشافعي ومناطق أخرى ذات طابع تاريخي، ضمن مشروع “قاهرة 2030” الذي يعطي أولوية للبنية التحتية والطرق على حساب النسيج التاريخي للمدينة.
ويحذر الباحث المعماري أحمد عبد المنعم من "إعادة إنتاج تجربة الطرق السريعة التي قتلت روح القاهرة القديمة"، مضيفًا:"نحن أمام نمط من التطوير لا يرى في الأرض سوى قيمتها السوقية، لا الثقافية ولا الجمالية."
نزع ملكيات ومخاوف من خطوات تالية
مصادر محلية تحدثت عن قوائم تم إعدادها للمباني التي سيتم نزع ملكيتها لتعترض مسار المشروع الجديد، ولم تعلن الجهات الرسمية حتى الآن عن آليات التعويض أو البدائل المطروحة، مما يثير مخاوف إضافية من أن تكون الخطوة مقدمة لتغييرات أوسع قد تطال المباني السكنية والتجارية المحيطة.
https://www.facebook.com/hadayek.alkobba/posts/pfbid037Yr4GUruQmqvMvetPB26CiGrFoAsUUmQ1uke8B63dw2C6Et9uVYDSfmE6KkhzQ9hl