منح قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي المؤسسة العسكرية ـ مجانًا، هدية ـ كامل أراضي "العاصمة الإدارية الجديدة" القريبة من القاهرة، ومساحتها (215 ألف فدان)، تعادل 966 مليون متر مربع، وقيمتها السوقية بسعر اليوم أكثر من اثنين تريليون جنيه مصري (ألفين مليار جنيه) ـ تعادل ثلثي إيرادات الدولة المصرية بالكامل ـ دون أن تدفع المؤسسة العسكرية جنيهًا واحدًا مقابلها للشعب المصري، أو للمال العام، أو لخزينة الدولة.

الصحفي جمال سلطان قال إن هذه الأموال الطائلة تذهب لصناديق خاصة بكبار القادة العسكريين، مجهولة الصرف، لشراء الولاء، ولا تدخل خزينة الدولة، ولا تخضع لرقابة أي جهة في الدولة، ولا صلة لها بنفقات الجيش من رواتب ومكافآت ومشتريات سلاح وخلافه، فهذه يتحملها الشعب من الميزانية العامة للدولة.

وأضاف أن هذا ربما يشرح جانبًا من كارثة أن تكون 65% من ميزانية الدولة المصرية ضائعة في سداد ديون تورطت فيها بسبب غشومية السلطة وسوء إدارة الدولة وترعة الفساد الواسعة وإهدار مقدرات الوطن على عمليات شراء الولاء، بينما تبقى 3% فقط من ميزانية الدولة للإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي وخلافه.

واقتصاديا عرف الخبير د. محمود وهبة  من خلال حسابه @MahmoudNYC أن غسيل الأموال  (Money Laundering) هو عملية إخفاء المصدر غير المشروع للأموال وجعلها تبدو كما لوكانت مُكتسبة من مصدر قانوني. تُعتبر هذه الجريمة من الجرائم المالية الخطيرة التي تحاربها الحكومات والمنظمات الدولية.

وقال على (إكس) إن الاستثمارات العقارية الوهمية لغسل الأموال وأن ذلك يكون من خلال شركات مقربة من الجيش تبيع وحدات سكنية بأسعار خيالية (مثل شقق بـ10 ملايين جنيه في مدن جديدة)، لكنها تظل فارغة لأنها مجرد أداة لغسل الأموال.

أو أن يتم تحويل الأموال القذرة (مثل رشاو ى أو عمولات) إلى عقارات ثم بيعها لاحقًا كأموال نظيفة


وساق على ذلك أمثلة وأرقام

 -في 2021، كشفت "وحدة التحقيقات في البي بي سي" أن 80% من الشقق الفاخرة في العاصمة الإدارية مباعة وهميًا لرجال أعمال ومسؤولين لتبييض الأموال

 
-تحقيق "اورينت" (2023): أظهر أن شركات الجيش تبيع أراضي بأسعار مضاعفة 10 مرات، مثل بيع فدان في العاصمة الإدارية بـ5 ملايين جنيه بينما قيمته الحقيقية 500 ألف جنيه


وأضاف أن الهدف هو تحويل الأموال غير المشروعة إلى أصول "نظيفة" وإعطاء صورة زائفة عن ازدهار الاقتصاد وإدخال الأموال غير المشروعة إلى النظام المالي.
 

واعتبر @MahmoudNYC أن اختلاس النظام للأصول ثم نقل ملكيتها لجهات سريه كالجيش والصناديق السياديه هوغسيل أموال بالقانون المصري والدولي.

وأوضح أن نقل الأصول والشركات بالمجان إلى جهات سريه كالجيش والامن والصناديق السيادية هو اولا: اختلاس وثانيا: غسيل أموال، وثالثا: ويمكن التقاضي عنه محليا بالمحاكم المصرية، ولكن هذا ممنوع  بحصانه قانونيه فاسده، ورابعا: يمكن التقاضي عنه عالميا حسب القانون الدولي الذي يعتبر الحصانه القضائيه المحليه جزءًا من الجريمة".


الأموال الساخنة
واعتبر مراقبون أن الأموال الساخنة هي في الحقيقة تحمل شبهة غسيل أموال قذرة حيث تغيب الهوية الحقيقية لمن يشترون الديون المصرية والتي قدرت أخيرًا بـ41.3 مليار دولار.

 

وقال الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاو ي "إنّ اللجوء إلى الأموال الساخنة والمستثمرين الأجانب، بموجب آلية شراء ديون الحكومة، ليس مؤشراً ايجابياً، لأنّ ما يحكم وجود الأجانب في هذه السوق، هو سعر الفائدة والفترة التي يخرجون فيها بسرعة من السوق المصرية بعد تحقيق أرباح سريعة.
 

وأو ضح أن شراء الأجانب للديون المصرية تسوده "الضبابية"، والمؤسسات الأجنبية التي تقبل شراء الديون في مصر تحتاج أن نطرح أسئلة هامة بشأنها مثل: "هل تقوم هذه المؤسسات بعمليات غسل أموال، عبر شراء الديون المصرية، وبالتالي فشراؤها ديوناً مصرية هي عملية قذرة تنتهي بغسيل الأموال؟".
 

وتابع أن جنسيات هذه المؤسسات التي تشتري الديون غامضة، ومن الممكن أن يكون بعضها تابعاً لدول خليجية داعمة لمصر، وتستهدف تقليص تقديم ديون لمصر، في صورة ودائع بالبنك المركزي، وتلجا لآلية سهلة هي شراء الدين بغرض الربح، وهو ما يؤدي لارتفاع معدلاته التي وصلت لاستحواذ الأجانب على 38 مليار دولار من أصل ديون مصر.


وأشار إلى أن هذه الأموال الساخنة، وشراء الديون هي مشكلة أكثر من كونها حلاً، لأنّ مصر لجأت أكثر من مرة إلى الأموال الساخنة، وهذا الإقبال على سوق الديون المصرية من الأجانب لا يشير إلى أداء جيّد للاقتصاد المصري، لأنّ هذا الاقتصاد لوكان جيداً ما لجأ أصلاً لاستخدام آلية الديون.


لكن مصر تلجا إلى هذا الآلية كي توفّر معروضاً من النقد الأجنبي يساعدها على استقرار سعر الصرف الأجنبي، ولزيادة احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي، وفي هذه الحالة يكون هذا المؤشر، أي شراء الأجانب للديون، غير معبر عن حقيقة الأداء الاقتصادي؛ لأن المفترض أن يكون احتياطي النقد الأجنبي من موارد ذاتية لا من الديون.

وفي مارس 2025 زاد حيازة الأجانب للدين الحكومي، ورُفع حجم حيازاتهم إلى 41.3 مليار دولار، وسط زخم كبير في سوق الدين الحكومي، إذ اشترى المستثمرون الأجانب أدوات دين حكومية تخطت قيمتها ملياري دولار.

 

وكانت حيازات الأجانب من أذون الخزانة المصرية، قفزت لتصل إلى 35.5 مليار دولار في إبريل الماضي، وهوما يعني ارتفاعاً بنحو 180% منذ بداية العام، بحسب بيانات البنك المركزي المصري، وبلغت حيازة الأجانب لأذون الخزانة المصرية بنهاية العام الماضي 12.7 مليار دولار.
 

وفي 18 مارس الماضي، ضخ الأجانب والعرب 1.23 مليار دولار في السوق الثانوية للدين الحكومي المصري ليرتفع صافي مشترياتهم خلال أسبوع إلى 2.5 مليار دولار، بحسب بيانات البورصة المصرية.

وأشارت بيانات البورصة إلى استثمار الأجانب، سواءً العرب او الجنسيات الأخرى، في الديون المحلية لمصر نحو 18.2 مليار دولار خلال العام الماضي 2024، منها نحو 3.58 مليارات دولار للعرب، و14.62 مليار دولار، للأجانب والصناديق الدولية.


ويرجع خبراء الإقبال الكبير من المستثمرين الأجانب على شراء الديون المصرية إلى تراجع التضخم، وتوقعات بخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة، ما يدفعهم إلى شراء أدوات الدين، لكنّهم يشيرون لتركيز الشراء على أذون الخزانة لأجل 91 يوماً، بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة.