يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يخشى أن تُفسد إسرائيل زيارته المرتقبة إلى منطقة الخليج، ما أدى إلى تصاعد التوترات، بحسب تقرير نشره موقع ميدل إيست آي.
ترامب يسعى إلى إيقاف الحروب والمجاعات مؤقتًا خلال رحلته إلى الخليج الغني بالنفط، ويُظهر استعدادًا لتجاوز إسرائيل إن لم تتماشَ مع أولوياته.
وأشار مسؤول غربي رفيع في المنطقة إلى أن "كلمة خلاف قوية، لكن الإحباط يتزايد".
وتورق ملفات حساسة عدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل زيارة ترامب، وعلى رأسها ملف المفاوضات النووية مع إيران، حيث صرح نائب الرئيس الأمريكي، جاي دي فانس، مؤخرًا بأن الأمور "تسير على ما يرام".
ترامب انتقد نتنياهو علنًا بخصوص هذه المحادثات، فيما هاجم حلفاؤه الإعلاميون جهاز "الموساد" الإسرائيلي واتهموه بمحاولة تعطيل المسار الدبلوماسي.
ورفض ترامب، بحسب اعترافه، ضغوطًا إسرائيلية لضرب إيران استباقيًا. في الوقت نفسه، دعم نتنياهو في حربه على غزة، وأيد قصف الحوثيين في اليمن، ما أكسبه تأييدًا في إسرائيل.
لكن ترامب يتحرك الآن لإيقاف إطلاق النار في اليمن، ويسعى لتسوية حول غزة،
وهو ما يُثير قلق قاعدة نتنياهو. وقال المحلل مايكل واهيد حنا: "من الواضح أن ترامب يتخذ قرارات كبيرة دون مراعاة كبيرة للمصالح الإسرائيلية، خصوصًا في ملفات إيران واليمن.
لكننا لم نرَ ذلك في الملف الفلسطيني بعد".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، ألغى زيارة كانت مقررة لتبدأ قبل زيارة ترامب للخليج في 13 مايو، وكان من المقرر أن يلتقي بنتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي.
يوم الثلاثاء، فاجأ ترامب الجميع بإعلانه وقف إطلاق النار مع الحوثيين، وهو قرار أراح السعودية وحلفاء عرب آخرين كانوا قد طالبوه بذلك قبل وصوله إلى المملكة.
التهدئة قد تُسهل التقدم في المحادثات النووية مع إيران، المقررة في سلطنة عمان قبل وصول ترامب إلى الخليج.
لكن إسرائيل شعرت بالخذلان، إذ لم يشمل الاتفاق الحوثيين وإسرائيل، رغم أن صاروخًا حوثيًا سقط مؤخرًا قرب مطار بن جوريون.
دبلوماسي أمريكي وصف هذا التحول بـ"لحظة أرامكو"، في إشارة إلى عدم رد ترامب على هجوم الحوثيين على منشآت النفط السعودية عام 2019.
السفير الأمريكي المؤيد لإسرائيل، مايك هاكابي، أكد التزام واشنطن بالهدنة، لكنه أوضح أن التدخل الأمريكي سيكون مشروطًا بوقوع ضحايا أمريكيين فقط.
فيما يحاول ترامب معالجة ملف غزة قبل وصوله، وسط تحذيرات من مجاعة واسعة النطاق.
الباحث آرون ديفيد ميلر قال إن ترامب بحاجة إلى خطة إنسانية لإقناع السعوديين، فهم سيرحبون بمحادثاته مع إيران والحوثيين، لكنهم سينتقدون موقفه تجاه غزة.
وأطلع مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف مجلس الأمن على الوضع في غزة. تقارير إعلامية إسرائيلية رجحت أن يطرح ترامب خطة جديدة لوقف إطلاق النار في القطاع، تشمل دورًا محتملاً لحماس في الحكم.
مصادر دبلوماسية تحدثت عن خطة لإدخال مؤسسة أمريكية غير معروفة تُدعى "مؤسسة غزة الإنسانية"، تتولى توزيع المساعدات تحت إشراف شركة أمنية أمريكية خاصة، وبموافقة إسرائيلية.
الخطة تهدف إلى تقليص دور الأمم المتحدة، وتخصيص وجبات يومية للفلسطينيين لا تتجاوز تكلفتها دولارًا واحدًا للوجبة. لكن مسؤولًا في الأمم المتحدة عبّر عن قلقه من مخالفة الخطة للقانون الإنساني الدولي.
رغم أن الخطة تُرضي إسرائيل في بعض جوانبها، فإنها أثارت معارضة من داخل حكومة نتنياهو، حيث دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى احتلال القطاع بالكامل بدلًا من توزيع المساعدات.
في الداخل الأمريكي، تثير الخطة تحفظات قاعدة ترامب، التي تعارض أي تورط أمريكي في غزة. شخصيات محافظة بارزة مثل تاكر كارلسون وعضوة الكونغرس مارجوري تايلور غرين انتقدت بشدة تزايد تدخل واشنطن في المنطقة.
وقال السفير الأمريكي الأسبق لدى السعودية، تشاس فريمان، إن ترامب سيواجه تحديات جديدة خلال زيارته، إذ فقدت دول الخليج ثقتها في قدرة واشنطن على كبح جماح إسرائيل. وأضاف: "ترامب استسلم لاستراتيجية إسرائيل في غزة والضفة الغربية".
أما عن صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية، فيبدو أنها باتت أبعد منالًا. الرياض وضعت شروطًا مسبقة للزيارة، أهمها وقف إطلاق النار في غزة والتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية. لكن ترامب لا ينتظر نتنياهو، إذ أشار وزير الطاقة الأمريكي إلى تقدم في مفاوضات مع السعودية لبناء مفاعلات نووية تجارية، دون ربطها بالتطبيع، وهو ما يُعد تحولًا كبيرًا عن سياسة إدارة بايدن السابقة.
هذا التحول أقلق بعض الجمهوريين، مثل السيناتور ليندسي جراهام، الذي أعلن رفضه لأي اتفاق دفاعي مع السعودية لا يتضمن تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ومع سعي إدارة ترامب لتسريع صفقات سلاح بمليارات الدولارات للرياض، تبقى المعاهدة الدفاعية الأمريكية مع السعودية آخر ورقة ضغط كبرى على الطاولة.
في المحصلة، من الملف النووي الإيراني إلى اليمن وغزة، يُوجه ترامب رسالة إلى نتنياهو: لن أسمح لك بإفساد زيارتي الثانية إلى الخليج.