لليوم الثالث على التوالي، يواصل عمال شركة النصر للغزل والنسيج والتريكو "الشوربجي" اعتصامهم داخل مقر الشركة بمنطقة إمبابة في محافظة الجيزة، احتجاجًا على قرارات إدارية وصفوها بـ"التمييزية"، وعلى رأسها إلغاء يوم السبت من الإجازة الأسبوعية، ورفض الإدارة مساواتهم في الرواتب مع زملائهم داخل مجمع مصر حلوان، الذي أُدمجت فيه الشركة رسميًا منذ نحو أربع سنوات. العمال المضربون، والذين يناهز عددهم المئات، يطالبون كذلك بعودة اللجنة النقابية المنتخبة لمباشرة مهامها داخل الشركة، واستعادة مقرها المغلق منذ العام الماضي، في خطوة يرونها جزءًا من "مساعي الإدارة لتفريغ الحركة العمالية من أي تمثيل نقابي مستقل"، بحسب تعبيرهم. فروق أجور.. وإنتاج فعلي في عام 2021، قررت الشركة القابضة للغزل والنسيج دمج ثلاث شركات، هي: المصرية للغزل والصوف "ولتكس"، ومصر لصناعة معدات الغزل، إضافة إلى "الشوربجي"، تحت مظلة شركة مصر حلوان للغزل والنسيج، ضمن خطة لإعادة هيكلة قطاع الغزل والنسيج المملوك للدولة. غير أن هذا الدمج، وفقًا لروايات عدد من العمال، جاء خصمًا من حقوقهم لا تعزيزًا لها. "إحنا الشركة الوحيدة في المجمع اللي لسه بتنتج، وبناخد أقل مرتبات!"، ويقول أحد العمال، طالبًا عدم ذكر اسمه، مشيرًا إلى أن مرتباتهم لا تتجاوز 5 آلاف جنيه، بينما تصل أجور زملائهم في الشركات الأخرى التابعة لنفس المجمع إلى 8 آلاف جنيه، رغم أن هذه الشركات متوقفة عن الإنتاج منذ أشهر. ويضيف عامل آخر: "دي مش مساواة ولا عدالة.. إحنا بنشتغل شيفتات كاملة، والإنتاج مستمر، وبياخدوا قرارات ضدنا من غير سبب واضح، لا في الأداء ولا في الإيرادات". السبت يتحول إلى "يوم عمل" تفجّرت شرارة الإضراب بعد إعلان إدارة "الشوربجي" قرارها المفاجئ بإلغاء يوم السبت من الإجازة الأسبوعية بدءًا من أول مايو الجاري، مع استمرار الإجازة للعمال في باقي شركات مجمع حلوان. ويقول أحد العمال: "القرار ده غريب، لأن مفيش أي تقصير مننا، والإنتاج مش متأثر، بالعكس، إحنا شغالين بضمير، ومحتاجين الراحة زي باقي زملائنا في نفس الكيان". حرب على النقابة.. وتعليق في ساحات القضاء جانب كبير من غضب العمال يتصل بالصراع المحتدم بين اللجنة النقابية المنتخبة للشركة من جهة، والنقابة العامة للغزل والنسيج وإدارة المجمع من جهة أخرى. فمنذ منتصف عام 2023، حجبت النقابة العامة حصة اللجنة النقابية في "الشوربجي" من اشتراكات العاملين، واعتبرت اللجنة "منحلة بحكم الدمج"، بحسب رواية العاملين. كما سحبت الإدارة مقر اللجنة داخل الشركة، ومنعت أعضاءها من الدخول، بحجة أنهم في "مأمورية عمل مفتوحة"، وهي صيغة تُستخدم – وفق العمال – لعزلهم فعليًا عن التواصل مع زملائهم. مصطفى عرفة، رئيس اللجنة النقابية المنتخب في 2022، أكد أن اللجنة لا تزال قائمة قانونًا، مستندًا إلى خطاب رسمي من مديرية العمل يفيد بصحة انتخاب اللجنة بعد قرار الدمج. وأضاف أن اللجنة أقامت دعوى قضائية ضد النقابة العامة وإدارة المجمع، وستُعقد إحدى جلساتها في 8 مايو المقبل. ويتابع عرفة: "لو كان قرار الدمج يعني دمج اللجان النقابية، ليه سابونا نعمل انتخابات بعدها؟ القرار سياسي لتفكيك العمل النقابي داخل الشركة والسيطرة على أي صوت معارض". احتجاجات سابقة.. وصوت يتجدد الاحتجاج الحالي ليس الأول من نوعه داخل "الشوربجي"، فقد سبق للعمال أن نظموا وقفة احتجاجية في أغسطس الماضي للمطالبة بعودة اللجنة النقابية، ورفع التجميد عن حساباتها البنكية، والمساواة في الرواتب والمكافآت السنوية مع زملائهم في المجمع. ورغم وعود من بعض مسؤولي وزارة قطاع الأعمال آنذاك بـ"النظر في المطالب"، إلا أن الوضع لم يتغير، بل تفاقم، بحسب العمال. من رائدة في النسيج.. إلى مصنع بالأجر تأسست شركة الشوربجي عام 1947، وكانت من أعرق شركات الغزل والنسيج في مصر، واشتهرت بإنتاج ملابس الرجال والنساء الداخلية والخارجية، وامتلكت 10 معارض بيع مباشر في القاهرة والجيزة والإسكندرية، أغلق معظمها. اليوم، لم تعد الشركة تنتج لحسابها، بل أصبحت تعتمد على طلبيات لحساب الغير – وفقًا لمصادر عمالية – حيث تقتصر على إنتاج الغزول والخيوط دون علامة تجارية خاصة بها، ما يُفقدها ميزة تنافسية في السوق المحلي.