بدأت تداعيات قرار الحكومة الأخير بتحريك أسعار الوقود تنعكس سريعًا على عدد من القطاعات الصناعية، التي وجدت نفسها مضطرة لإعادة النظر في تسعير منتجاتها، وسط توقعات بزيادة تدريجية في الأسعار تطال المستهلك خلال أيام.

ففي خطوة أثارت جدلاً واسعًا، رفعت لجنة تسعير المواد البترولية أسعار البنزين والسولار بنحو جنيهين للتر، فيما أبقت على أسعار المازوت المورد لقطاعي الكهرباء والصناعات الغذائية دون تغيير.
ورغم محدودية تثبيت المازوت، فإن الزيادة في أسعار البنزين والسولار تسببت في موجة قلق صناعي بسبب اعتماد قطاعات إنتاجية عديدة على الوقود في التشغيل والنقل.
 

الأسمنت.. ارتفاع وشيك في الأسعار
   أحمد شيرين كريم، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات، حذّر من أن الزيادة الجديدة في أسعار الوقود ستؤدي إلى رفع أسعار طن الأسمنت بدءًا من الأسبوع الجاري.

وأوضح أن الوقود يُمثل ما بين 60 إلى 70% من تكلفة إنتاج الأسمنت، دون احتساب أجور العمال والنقل، ما يجعل تأثير الزيادة حتميًا. ورغم ذلك، لم تحدد الشركات بعد نسبة الزيادة، في انتظار تقييم أكثر دقة للتكلفة الجديدة.
 

الملابس الجاهزة.. النقل والعمالة في مرمى النيران
   في قطاع الملابس الجاهزة، أشار سمير فتح الله، المدير التنفيذي لشركة "ترانس أفريكا"، إلى أن نقل العمالة والخامات محليًا سيتأثر بشكل مباشر، نظرًا لاعتماد القطاع بشكل كبير على النقل البري.

وأضاف أن أسعار الوقود تمثل نحو 8% من التكلفة النهائية للمنتج، وهو ما سيدفع الشركات إلى امتصاص جزء من الصدمة مؤقتًا بسبب العقود الموقعة مسبقًا بالأسعار القديمة.

لكن في الوقت ذاته، حذر فتح الله من أن الشركات لا تستطيع إدراج زيادات محتملة في العقود الجديدة تحسبًا لأي تغييرات مستقبلية، بسبب المنافسة الحادة في المناقصات مع شركات محلية ودولية.
وكشف عن أن شركته تنتج حاليًا 4 ملايين قطعة سنويًا، وتخطط لرفع الإنتاج إلى 5 ملايين بنهاية العام.
 

الرخام والجرانيت.. زيادة فورية بنسبة 20%
   في قطاع الرخام، قال محمد عارف، رئيس الجمعية المصرية الإفريقية لصناعة الرخام والجرانيت، إن تكلفة الإنتاج ستشهد قفزة سريعة بسبب زيادة مصروفات النقل والعمالة، متوقعًا أن ترتفع أسعار الرخام بنسبة تصل إلى 20% خلال الفترة القريبة.
 

الورق والطباعة.. التأثر بالغاز وارتفاع تدريجي في الأسعار
   أما في قطاع الطباعة والتغليف، فيتوقع أحمد جابر، نائب رئيس غرفة الطباعة، أن تتراوح نسبة زيادة أسعار الورق بين 5 و10% على الأقل، بالنظر إلى اعتماد عمليات التصنيع على الغاز الطبيعي.
وأوضح أن الأثر الكامل للزيادة سيظهر خلال أسبوع من صدور القرار، عند استهلاك المخزون الحالي وبدء التصنيع بالأسعار الجديدة.
 

المنظفات.. مخاوف من تقلبات الاستيراد
   وفي قطاع المنظفات، قال محمد خليفة، رئيس مجلس إدارة شركة "الحمد"، إن تكلفة الوقود في النقل تمثل نحو 15% من الكلفة لدى المصنّعين، لكنها تقفز إلى 30-40% لدى الموزعين، ما يجعل الحلقة الأخيرة من السلسلة التجارية الأكثر تأثرًا.

وأشار إلى أن المستوردين سيعيدون تسعير الخامات خلال أقل من أسبوع، ما قد يرفع تكلفة الإنتاج بنسبة تُترجم إلى زيادة نهائية في الأسعار لا تتجاوز 5%.
 

شركات التصدير الآجل.. الخاسر الأكبر
   بحسب خليفة، فإن الشركات المُصدّرة بعقود آجلة هي الأكثر تضررًا من الزيادة الأخيرة، إذ لا يمكنها تعديل الأسعار المتفق عليها مسبقًا، ما يضعها أمام خيارين: تحمل الخسائر أو التراجع عن الشحنات، أما الشركات التي تمتلك مخزونًا كافيًا فقد تتمكن من امتصاص الصدمة مؤقتًا.